وقال أصحاب المنار في أقوال العلماء ومنهم ابن حجر: "أقول هذا أقوى وأوسع ما أجابوا به عن الآية قد لخصه أحفظ الحفاظ وأوسعهم اطلاعاً ولكنه ساقط على جلالة قائليه وفي سقوطه أكبر حجة على المقلدين الذين يتركون العلم بكتاب الله وسنة رسوله بالاستقلال والإنصاف بزعم أن مشايخهم وأئمتهم أحاطوا بكل شيء علماً حتى فيما خالفهم فيه أمثالهم من المجتهدين ومن فوقهم من الصحابة والتابعين. ولسنا نسقط بنظريات اجتهادية من عند أنفسنا وإنما نسقطه بما غفلوا عنه من كتاب الله تعالى عند البحث في تأييد مذهبهم والاحتاج له(١). وقال: "يجب أن يكون الحصر في الآية من الأصول الثابتة العامة التي لا تقبل النسخ ولا التخصيص"(٢).
جعلوا قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ﴾ (٣). خاصة باليهود وليس للمسلمين، وخلص إلى القول: "إنه لو كانت هذه الحرمة ثابتة في حق الكل لم يبق لقوله ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا ﴾ فائدة. فثبت أن تحريم السباع وذي المخلب من الطير مختص باليهود فوجب ألا تكون محرمة على المسلمين. وعند هذا نقول ما روي أنه - ﷺ - حرم كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطيور ضعيف لأنه خبر واحد على خلاف كتاب الله –تعالى- فوجب أن لا يكون مقبولاً(٤).
وقالوا: "وأقول إن تضعيفه الحديث مع صحة روايته في الصحيحين وغيرهما إنما هو من جهة المتن وقد قالوا إن من علامة وضع الحديث مخالفته للقرآن وكل ما هو قطعي، وهذا إنما يصار إليه إذا تعذر الجمع بين الحديث الظني والقرآن القطعي. وقد جمعنا بينهما بحمل النهي على الكراهة في حال الاختيار"(٥).

(١) ٨/١٥٨، تفسير المنار.
(٢) ٨/١٦١، تفسير المنار. وانظر ص ١٦٢.
(٣) سورة الأنعام، من الآية ١٤٦.
(٤) ٨/١٧١، تفسير المنار.
(٥) ٨/١٧١، تفسير المنار.


الصفحة التالية
Icon