إن من زعم تعليل التحريم –كأصحاب المنار- من أحاديث ضعيفة فالعلل كلها مردودة لما ثبت في حديث أنس الصحيح (فإنها رجس). فالتعليل لأنها تأكل القاذورات، أو العذرة، أو لأنها كانت سنة قحط، أو لأنها لم تخمس، كل ذلك يسقط لورود النص الصحيح الصريح. قال الحافظ ابن حجر: "وقد أزال هذه الاحتمالات من كونها لم تخمس أو كانت جلالة أو غيرهما حديث أنس حيث جاء فيه فإنها رجس. وكذلك الأمر بغسل الإناء في حديث مسلم" ا. هـ(١). والحديثان متفق عليهما. قال القرطبي: ظاهره أن الضمير في أنها رجس عائد على الحمر لأنها المتحدث عنها المأمور بإكفائها من القدور وغسلها. وهذا حكم النجس فيستفاد منه تحريم أكلها لعينها لا لمعنى خارج"(٢).
وهذا هو الذي ترتاح إليه النفس في بحث العلّة في هذه النصوص الضعيفة. فالمطعومات لم تعلل في الشرع بل حرّمت لعينها. فلا يزول التحريم بزوال علّة عقلية تخيلها بعض الناس.
وقال ابن دقيق العيد: "الأمر بإكفاء القدور ظاهر أنه بسبب تحريم لحم الحمر"(٣). وليس كما زعم أصحاب المنار بأنها للنظافة المعهودة.
وأما التعليل بخشية قلة الظهر فقد أجاب عنها الطحاوي بالمعارضة بالخيل. فإن في حديث جابر النهي عن الحمر، والإذن في الخيل مقرونات. فلو كانت العلّة لأجل الحمولة لكانت الخيل أولى بالمنع لقلتها عندهم وعزّتها وشدّة حاجتهم إليها"(٤).

(١) ٨/١١٤، نيل الأوطار للشوكاني.
(٢) ٨/١١٥، نيل الأوطار للشوكاني.
(٣) ٨/١١٥، نيل الأوطار للشوكاني.
(٤) ٨/١١٥، نيل الأوطار للشوكاني.


الصفحة التالية
Icon