خلال كتب التفسير في القرن العشرين.
المبحث الثاني : رفع شعار محاربة الإسرائيليات
…لم أعهد هذا الأسلوب في التفاسير التي سبقت تفسير المنار، وأدخلت منه شوائب تقصم ظهر الإسلام وإليك نماذج على ذلك:
١- تفسير المنار وحديث متفق عليه:
…قال أصحاب تفسير المنار عند قوله تعالى: ﴿ وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ﴾ (١): "وذهب المفسر (الجلال) إلى ترجيح اللفظ على المعنى، والصورة على الروح، ففسر السجود ككثير من غيره بالانحناء، وقال: إنهم أمروا بأن يقولوا (حطة) فدخلوا زحفاً على أستاههم. وقالوا: حبة في شعيرة، أي أننا نحتاج إلى الأكل، ومنشأ هذه الأقوال الروايات الإسرائيلية. ولليهود في هذا المقام كلام كثير وتأويلات خدع بها المفسرون ولا نريد حشوها في تفسير كلام الله تعالى و أقول إن ما اختاره الجلال مروي في الصحيح ولكنه لا يخلو من علة إسرائيلية "(٢).
…ومن الجدير بالذكر أن قول الجلال هو حديث متفق عليه رواه البخاري(٣) ومسلم، وأصحاب السنن كذلك. وقد جعله مسلم أول حديث في كتاب التفسير. فالحديث المتفق عليه لا يريد أصحاب المنار أن يحشوه في تفسير كلام الله -تعالى-. وهذه هي الإسرائيليات التي يحذران منها. وردّا الحديث المتفق عليه بدون دليل. تلكم هي الشوائب التي تقصم ظهر الإسلام، فتقلب الحق باطلاً وتجعل الباطل حقاً.

(١) سورة البقرة، الآية: ٥٨.
(٢) تفسير المنار، ١/٣٢٤-٣٢٥، وانظر الحديث رقم ٤٤٧٩، فتح الباري، ٨/٦٤، باب ٥.
(٣) صحيح البخاري، ٦/٣٢، ٣٣، كتاب التفسير، طبعة دار الشعب، ونص الحديث: "عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - ﷺ - قال: قيل لبني إسرائيل ﴿ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ ﴾ فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدّلوا، وقالوا حَبَّة في شعرة) وفي رواية أخرى (في شعيرة) فتح الباري، م٨، كتاب التفسير، باب ٤، حديث ٤٦٤١.


الصفحة التالية
Icon