…ولا بأس بأن أنوّر القارئ الكريم برأي أحد المتشيعين للشيخ رشيد، والذي لم يرض عنه بديلاً في الإصلاح إلا أستاذه الإمام الشيخ محمد عبده، الذي يُزْعم أنه شديد التأثر بمذهب السلف وطريقتهم(١). قال الشيخ فضل حسن عباس من الأردن تحت عنوان: "ابتعاده عن الإسرائيليات ووقوعه فيما هو أخطر منها": "وجاء صاحب المنار ينبه المسلمين بقوة إلى وجوب طرح هذه الخرافات (الإسرائيليات) وتنقية التفسير منها لأنها حجاب كثيف يحول بين المسلمين وبين هداية القرآن وحججه الواضحة.. ولكن مع الأسف غالي وتطرف، وهدم بقدر ما بنى، ودمّر أكثر مما جنى، وكان لمغالاته وتطرفه نتائج خطيرة تكاد تعصف ريحها الصرصر العاتية بقواعد من أصول العقيدة، وأهم هذه النتائج الطعن في أحاديث أجمعت الأمة على صحتها، والتشكيك في عدالة الصحابة، واتهامهم باستقاء علومهم وأحاديثهم من أهل الكتاب"(٢).
وقال الشيخ فضل: "وإذا كان الشيخ رشيد رد بعض الأحاديث لتوهين بعض الحفاظ لها، أو توقفهم فيها فإننا رأيناه قد اخترق حصن إجماع الأمة، لا من حيث رد أحاديث لم تَحُمْ حولها من قبل شبهة، وإنما كذلك من حيث نقض هذه القاعدة وهي كون الصحابة عدولاً، فهو تارة يتهم أبا هريرة وابن عباس بكثرة النقل عن أهل الكتاب من بني إسرائيل، مع أن ابن عباس –رضي الله عنهما- ثبت عنه النهي عن سؤال أهل الكتاب شيئاً كما ورد في صحيح البخاري"(٣).

(١) قال الشيخ فضل عباس: "كان الشيخ رشيد أشد تأثراً بمذهب السلف وطريقتهم" ١/٣١٣، اتجاهات التفسير في العصر الحديث في مصر وسوريا، رسالة الدكتوراة ستانسل، بالأزهر، رقم ٥٠٠.
(٢) ١/٣٠٤، المصدر السابق نفسه.
(٣) انظر صحيح البخاري، كتاب الاعتصام، باب قول النبي - ﷺ -: (لا تسألوا أهل الكتاب، ٩/١٣٦، طبعة الشعب).


الصفحة التالية
Icon