…ولم يكتف بذلك بل جعل أحكام العبادات العملية لا تثبت إلا بالعمل وأما الأقوال فليست كذلك. قال الشيخ رشيد: "وإنما بين الأحكام العملية بالعمل وما بينه بالقول وكله إلى أفهام المخاطبين وعرفهم"(١). وقال في (المقدمة الحادية عشرة) إن أصول الدين الأساسية هي العقائد الصحيحة وتهذيب الأخلاق وأدب النفس وعبادة الله على الوجه الذي بينه وارتضاه. وكل هذه الأصول قد كملت في عهد النبي - ﷺ -... وأما أحكام المعاملات وبعد وضع قاعدة الشورى فوض الشارع الأمر في جزئيات الأحكام إلى أولي الأمر من العلماء والرؤساء والحكماء يقررون بالمشاورة ما هو الأصلح للأمة بحسب الزمان"(٢)، وحتى العبادات فقد قوض أركانها فقال: "وأما العبادات فما بينته السنة بالعمل وتناقله الخلف عن السلف كذلك بالاتفاق حتى صار معلوماً من الدين بالضرورة.. وما اختلفوا فيه... فهو غير واجب وإن عده بعض الفقهاء واجباً. وهو على التخيير فمن ترجح عنده شيء بدليل أو بموافقة لحاله أخذ به ولا يجب عليه البحث عن وجوه الترجيح لأن اختلاف المسلمين فيه عملاً دله على أنه ليس من ضروريات الدين وفرائضه، ولا يعيب من خالفه بما ترجح عنده من فعل أو ترك لأنه على التخيير"(٣).

(١) ص٥٦، محاورات المصلح والمقلد.
(٢) ص٥٩، محاورات المصلح والمقلد، رضا، محمد رشيد.
(٣) ص٦٥، محاورات المصلح والمقلد، رضا، محمد رشيد.


الصفحة التالية
Icon