…وقال الشيخ رشيد: "إنه لا إشكال في حمل ﴿ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾ الخ على قوله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ الخ. ولا إشكال في عدم اشتراط الإيمان بالنبي - ﷺ -، لأن الكلام في معاملة الله تعالى لكل الفرق أو الأمم المؤمنة بنبي ووحي بخصوصها، الظانة أن فوزها في الآخرة كائن لا محالة لأنها مسلمة أو يهودية أو نصرانية أو صابئة مثلاً، فالله يقول إن الفوز لا يكون بالجنسيات الدينية وإنما يكون بإيمان صحيح له سلطان على النفس، وعمل يصلح به حال الناس، ولذلك نفى كون الأمر عند الله بحسب أماني المسلمين أو أماني أهل الكتاب، وأثبت كونه بالعمل الصالح مع الإيمان الصحيح"(١).
…مما تقدم نفهم أن الإيمان عند الشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا هو الإيمان بالله واليوم الآخر فقط وقد أكدا ذلك بقولهم: "وذهب كثير منهم إلى الاكتفاء ببلوغ دعوة أي نبي في ركني الدين الركينين وهما الإيمان بالله وباليوم الآخر، فمن بلغته وجب عليه الإيمان بهذين الأصلين، وإن لم يكن النبي مرسلاً إليه"(٢). كما يفهم أن الإيمان بالله فقط ذاتاً وصفاتٍ. ويدخل في هذا الإيمان اليهود والنصارى والصابئة وغيرهم. ويصرح الشيخ رشيد أن للإيمان إطلاقاً آخر هو الإيمان بالجملة بالدين. أي بالله وما جاء به فلان النبي مثلاً هو صحيح. وأدخل فيه أيضاً الفرق الضالة من كل دين من الأديان السماوية وقال عنه إنه إطلاق على الإيمان إطلاقاً صحيحاً لغة وعرفاً. ورأى الشيخ رشيد أنه لا إشكال في عدم اشتراط الإيمان بالنبي - ﷺ - ويكتفي باحترام ما جاء على لسانه، هذا هو الإيمان الصحيح الذي يدعو له أصحاب تفسير المنار.
تفنيد مزاعم أصحاب تفسير المنار:

(١) تفسير المنار، رضا، محمد رشيد، ١/٣٣٦.
(٢) تفسير المنار، رضا، محمد رشيد، ١/٣٣٨.


الصفحة التالية
Icon