فنقول له: إن فكرة الواقعية ليست صحيحة في كل شيء ولا يمكن تعميمها، فالشعور العام إذا بني على وهم وخيال لا يكون واقعاً. ولهذا وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تجعل الحق في جانب مغاير للكثرة ﴿ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ (١). كما ورد وأكثر الناس لا يشكرون ولا يؤمنون: ﴿ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا ﴾ (٢)، ولذلك فإن هذه الفكرة محض خيال، ووهم وهي ضلالة عقلية قطعاً. ولا صحة لسندها. وأما زعمه أنها إلهامات فهي دعوى يستحيل إقامة الدليل عليها. فوساوس الشيطان والخواطر، وحديث النفس ليس فكراً ولا عقلاً. ولا يسمى الفكر فكراً وعقلاً إلا إذا كان الحكم منزلاً على الواقع المحسوس.
إن دعوى نظرية الشك باطلة وليست هي التي نعتمد عليها في بيان تهافت نظريته. والعقل والنقل هما طرق إثبات العقائد المحسوسة.
إن لا أدريته في متى الخلاص من اضطراب هذا الهم يدل على فساد العقيدة لأنه استلهمها من غير الإسلام، وشكه في عالم الغيب مبناه تنكره لرسالة الإسلام واعتماده على العقل وحده، والشواهد المحسوسة لا يمكن أن تكون طريقاً سليماً يوصل إلى عالم الغيب. ولذلك لم يترك الله البشر هملاً بل كلأهم برعايته بإرسال الرسل والأنبياء لهداية البشر إلى عالم الغيب.

(١) سورة الأعراف، الآية ١٨٧، وفي سورة يوسف الآية: ٢١، والآية: ٤٠، وفي سورة النحل، الآية: ٣٨، وفي سورة الروم، الآية: ٦، وفي سورة سبأ، الآية: ٢٨، وفي سورة الصافات، الآية: ٧١، وفي سورة الزمر، الآية: ٥٧.
(٢) سورة الإسراء، الآية ٨٩.


الصفحة التالية
Icon