أي أن أبا جعفر الطبري يبيّن فساد هذا الرأي بإجماع من يعتد برأيهم على تخطئته. فيكون الشيخ رشيد التقط رأياً مخالفاً للإجماع في تفسير الآية، وتبناه ونافح عنه. وأما رواية ابن عباس عند الطبري فهي مسخ على الحقيقة وبتفصيل واضح(١). فقد أهملها الشيخ رشيد مع أنها تنسجم تماماً مع منطوق النصوص.
…وقال تلميذه الشيخ أبو زيد المنهجوري: "الغرض أنهم أخذوا صفات القردة بالتفاني في الشهوات والعتوّ في العصيان"(٢).
…وذهب الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره إلى ما ذهب إليه الشيخ رشيد فقرر أن الأمر (كونوا) للتكوين وليس للإيجاد وأن الآية ليست صريحة في المسخ. وقال: "ومعنى كونهم قردة أنهم لما لم يتلقوا الشريعة بفهم مقاصدها ومعانيها، وأخذوا بصورة الألفاظ فقد أشبهوا العجماوات في وقوفها عند المحسوسات، فلم يتميّزوا عن العجماوات إلا بالشكل الإنساني، وهذه القردة تشاركهم في هذا الشبه. وهذا معنى قول مجاهد هو مسخ قلوب لا مسخ ذوات"(٣).
(٢) ص١٠، الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن لأبي زيد الدمنهوري.
(٣) ١/٥٤٤، تفسير التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية.