…أي أن الشيخ طنطاوي جوهري لا يرى أن المسخ كان على الحقيقة والواقع. وهذه الآراء كلها تلتقي مع آراء المعتزلة إن لم تكن تقليداً لهم. قال الزمخشري في كشافه: (قردة خاسئين) خبر إن، أي كونوا جامعين بين القردية والخسوء وهو الصغار والطرد"(١). فالقردية حدد معناها بالصغار والذل. وليس بالمعنى الحقيقي الذي يدل عليه مفهوم الآية. وهكذا أزالت الشوائب سمة المعجزة عن مسخ العصاة والمذنبين من بني إسرائيل إلى قردة.
…ومن الجدير بالذكر أن الشوائب في القرن العشرين ترى أن العلوم العقلية قد حلت محل المعجزات فقال الطنطاوي جوهري عند قوله تعالى: ﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ (٢): "إن خوارق العادات استبدلت في القرآن بالعلوم العقلية كما رأيت في سورة طه"(٣).
…وهكذا وردت الشوائب في باقي معجزات الأنبياء المادية، فمنطق الطير الذي عُلِّمه سيدنا سليمان في سورة النمل آية ١٦ زعم أبو زيد الدمنهوري أنه أمر طبيعي فكل من يربي الطير ويؤلفه يمكنهم أن يتعلموا منطقه، وماذا يريد، ويمكنهم أن يستعملوه في الرسائل وغيرها"(٤).
(٢) سورة الأنبياء: الآية: ٦٩.
(٣) م٥، ١٠/٢٢٧، الجواهر في تفسير القرآن، طنطاوي جوهري.
(٤) ص ٢٩٧، الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن، لأبي زيد الدمنهوري.