…فمثل هذه الخرافات، فإنها لا يجوز أن تكون أدلة على عالم الغيب وهو تشكل الروح من بخار أو ضباب ثم إلى جسد تام الجمال في ثوب أبيض، ولا على شكل قضيب البان. ولا فرق بين الخرافة الأوروبية والخرافة الصوفية، وإن كانت الأخيرة تحسب على الإسلام والمسلمين. والعجيب الغريب أن يسوق الشيخ رشيد هذه الخرافة ليستدل على تشكل الروح (مع أنه استبعد التشكل عن الملائكة) ويرد أحاديث نبوية صحيحة في عودة سيدنا عيسى عليه السلام لأنها ليست متواترة(١). وهذا كله من الشوائب التي دخلت التفسير.
…قال الشيخ عبد الكريم الخطيب في تفسيره عند قوله تعالى: ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ ﴾ (٢): "ما هذا المدد السماوي ؟ وما هو صورته؟ وكيف يكون عمله في المعركة؟ وهل يكون على هيئة الرجال أم الفرسان، أو بين الرجال والفرسان؟! أم ماذا؟"(٣). وبعد هذه التساؤلات أجاب بإسهاب نقتطف منه الآتي: "إن هذا المدد السماوي كان روحاً من عند الله، لبست المؤمنين، وأحاطت بهم، فكانت قوة راسخة في قلوبهم، ودرعاً حصينة على صدورهم، وسيوفاً قاطعة في أيديهم! وما كان لهذه القوى أن تظهر عياناً للناس، وإلا لكانت فتنة لهم، ولكن يجد المؤمنون أثرها في أنفسهم، كما يجد المشركون مس الرعب لقلوبهم"(٤).

(١) تفسير المنار، ٣/٣١٧.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٢٤.
(٣) م٢، ٤/٥٧٥، التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب.
(٤) م٢، ٤/٥٧٥، التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب.


الصفحة التالية
Icon