…وقال أبو زيد الدمنهوري عند تفسير قوله تعالى: ﴿ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾ (١): "تمتع بالزوجية في نعيم الحياة وطيباتها" وزعم أن الشجرة تمثيل للأشياء التي حرمها الله"(٢). فالجنة عند أبي زيد: الحياة الزوجية، ويترتب على هذه المفاهيم أن يكون العذاب هو الجهل والنعيم هو العقل. وهو مفهوم فلاسفة اليونان بعينه. فهذه شوائب لا شأن للتفسير بها.
د. عبد الكريم الخطيب:
…يرى أن النعيم في الآخرة روحي لا يخالطه نعيم مادي، وكذلك العذاب حيث أن الإنسان عندما يبعث يتحول إلى عالم الملائكة. ويرى أن العذاب والجزاء المادي مرجوح والراجح عنده هو أن النعيم والعذاب للروح. قال في تفسير سورة الإنسان عند قوله تعالى: ﴿ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ﴾ (٣): "وفي التعبير بلفظ (عاليهم) بدلاً من عليهم –هو والله أعلم- إشارة إلى أن هذه الملابس لا تلتصق بأجسادهم كما تلتصق ثيابنا على أجسادنا في هذه الدنيا، وإنما هي ألوان من نور، أشبه بألوان الطيف، تنعكس على هذه الأجسام النورانية... وهذا يعني أن الحياة في الجنة حياة روحية، لا يخالطها شيء من عالم المادة إلا كان في شفافية الروح وصفائها"(٤).
…ويرى أن تبديل جلود المعذبين في النار إنما هو تبديل في النار ذاتها التي تشبه الثوب وليس في جلد المعذب من الكافرين(٥). ولا يخفى أن هذه شوائب لا تمت للتفسير بصلة.

(١) سورة البقرة، الآية: ٣٥.
(٢) ص ٧، الهداية والعرفان لأبي زيد الدمنهوري.
(٣) سورة الإنسان، الآية: ٢١.
(٤) م١٥، ٢٩/١٣٧٢، التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب.
(٥) انظر م٣، ٥/٨١٨، التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب.


الصفحة التالية
Icon