هذه تفاسير القرطبي والزمخشري، أما تفسير الشيخ رشيد رضا وأستاذه قاقتنصوا شوارد شاذة وردت في تفسير الفخر الرازي وقد ردّ عليها. وأحيوها لإثارة الفتن وليشغلوا المسلمين بالرد عليها.
قول أصحاب المنار أنه لابد أن يتناسب الخليفة مع من يخلفه ويكون من قبيله لا يسلم به وهو من محض الخيال. فآدم مخلوق. والذي استخلفه هو الخالق سبحانه وتعالى. والاستخلاف كان في إمضاء أوامر الله وأحكامه ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ﴾ (١). لأن الله تعالى هو الذي يضع النظام للمخلوق.
قول أصحاب المنار أن آدم ليس أول الصنف العاقل من الحيوان على هذه الأرض قول يتعارض ويتناقض مع الآيات القطعية الكثيرة منها: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ ﴾ (٢)، ﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ (٣).
ذكرهم، لما وصفوه بالإسرائيليات من أن الأرض كان يسكنها الجن قبل آدم، أو الحن والبن، والطم والرم، واعترافهم أنه ليس في الإسلام سند يحتج به على هذه القصص. وترتيبه على هذا وعلى تقاليد موروثة للأمم بأن آدم ليس أول الأحياء العاقلة التي سكنت الأرض. كلام في غاية السقوط فلا ينخرط في سلك الأدلة حتى ولا في سلك الشبه، فهي شوائب محضة لا تمت للتفسير بصلة.

(١) سورة الأعراف، الآية: ٥٤.
(٢) سورة آل عمران الآيات: ٥٩-٦٠.
(٣) سورة ص، الآية: ٧٥.


الصفحة التالية
Icon