إن إباحة الربح في التجارة ولو بلغ أضعافاً مضاعفة كان بالنص وليس بالعقل، وقوله صياغة ثانية لقول أهل الجاهلية: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ﴾ (١). ولذلك لا يقاس على الربا المحرم بالنص.
فتوى الشيخ محمد عبده في الربا:
…كان الشيخ محمد عبده –فيما أعلم- أول من حرر في الصحف المصرية إباحة استثمار الأموال في البنوك. ومنها ما ورد في المنار حيث أصدر الشيخ فتوى بإباحة هذا النوع من المعاملات في صندوق توفير البريد، وإليك ما ذكرته المنار عن هذه الفتوى: "وأما صندوق التوفير في إدارة البريد المصري فقد أقر نظامه لجنة من علماء المذاهب في الأزهر، وكتبوا بذلك كتابة عرضتها الحكومة في ذلك الوقت على مفتي الديار المصرية الأستاذ الإمام –رحمه الله تعالى- فأفتى به وجرى العمل به وقد بينا ذلك بالتفصيل في ص٢٨ من مجلة المنار المجلد السابع"(٢).
الشيخ محمد رشيد رضا والربا عملاً وقولاً:
…لقد طبق الشيخ رشيد حكمة جمال الدين في الربا، وفتوى محمد عبده قولاً وعملاً، فمنذ أن وطئت قدماه مصر ١٨٩٧م اشترى داراً بالقاهرة من يوناني بالربا كما وجدت في أوراقه الخاصة.
…ومن اعترافاته بتعامله بالربا ما ورد في رسالة لصديقه الدرزي الأمير شكيب أرسلان: "... إلى أن سددنا حسابها في أوائل هذه السنة الميلادية برهن جديد للدار على ألف ومائتي جنيه بفائدة ٩ في المائة ست سنين يستحق القسط الأول في مايو ١٩٣٥. وهو مائتا جنيه تضاف إليه فائدة السنة ١٠٨ جنيهات. وخسرنا نفقة هذا الرهن الجديد زهاء مائة جنيه أيضاً" رسالة في ١٣ رجب ١٣٥٣هـ - ٢٢ اكتوبر ١٩٣٤"(٣).
(٢) مجلة المنار، محمد رشيد رضا، م٢٧، ٥/٣٤٦.
(٣) السيد محمد رشيد رضا، أو إخاء أربعين عاماً، الأمير شكيب أرسلان، ص٧٥٤، ط١، دمشق، مطبعة ابن زيدون.