وثانياً: جعل النظر في حكم إنشاء بنك ليس لمن لهم أهلية الاجتهاد الشرعي بل إلى من لا دين ولا خلاق لهم ممن يخدمون الكافر المستعمر حيث صدرت الفتوى ومصر محكومة عسكرياً وسياسياً بالإنجليز بُعَيْدَ أن تنازلت فرنسا لبريطانيا مكرهة عن مصر مقابل تونس ١٩٠٤م. ورجال مجلس الشورى ممن لا يعينهم إلا الكافر المستعمر الإنجليزي. وكذلك قضاة المحاكم الأهلية العليا وهم يحكمون بالنظام البلجيكي. والمحامون الذي تأسس علمهم على الثقافة الغربية والقوانين الغربية في مرافعاتهم والقوانين التي يحتكمون إليها. وأما أصحاب الجرائد في مصر فهم مستوردون من كفار بلاد الشام وفسقتها(١). أو كانوا من الكفار المستعمرين ومنهم أبو نظارة. فهل الإسلام يعد هؤلاء أولي أمر المسلمين ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ (٢). وهل أولئك ينطبق عليهم قول الله تعالى: ﴿ أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ ﴾، وقوله: ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ ؟! وأما قوله لم يكن مع الرسول ملوك يحكمون ولا فقهاء يفتون فهو قول حق أريد به باطل لأن الذي كان يحكم هو الرسول - ﷺ - الذي لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى. وبعد وفاته - ﷺ - يكون ولي الأمر هو الخليفة أو أمير المؤمنين الذي يحكم بما أنزل الله. والمجتهدون هم الذين يستنبطون

(١) جريدة الأهرام، لآل تقلا وهم من نصارى الشام، والمقطم والمقتطف لنمر صرّوف، ويعقوب صرّوف، وهما نصرانيان من الشام الذين حضرا لمصر لهذه المهمة. وجريدة التجارة لأديب إسحاق نصراني من تلاميذ جمال الدين، ومجلة المنار لمحمد رشيد رضا، والفتح والزهراء لمحب الدين الخطيب، وهو شامي مناوئ للخلافة ومناصر لمصطفى كمال أتاتورك حيث أنشأ الفرع الرابع عشر لجمعية الاتحاد والترقي في الحديدة.
(٢) سورة النساء، الآية: ٨٣.


الصفحة التالية
Icon