أخرج مسلم عن جابر بن عبد الله قال: (لعن رسول الله - ﷺ - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء) (١). أي أن المعصية يستوي فيها الأربعة المذكورون فلا وجه للتفريق بين الآخذ والمعطي، ولا بين الكتبة والشهود، فالكل منغمسون في الإثم، وكسبه حرام بهذا النص الصريح وعليه فلا وجه شرعي لإباحة البنوك الربوية لدى المسلمين.
الربا محرم في الإسلام قليله وكثيره كحكم الخمرة للنصوص العامة الكثيرة، والقطعية في ثبوتها وفي دلالتها، وهي من المعلوم من الدين بالضرورة فمستحله كافر، وحرمته مغلظة فهو من الموبقات. روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات وذكر منها: آكل الربا(٢). روى أحمد عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: قال رسول الله - ﷺ -: (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية) (٣). والإثم يطال كل من يشترك في عملية الربا من مقترضين ومقرضين ومن كتبة وشهود وكفلاء حسبما وردت به النصوص.
(٢) انظر تفسير الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ٣/٣٦٤، ٣٦٥.
(٣) قال الشوكاني في نيل الأوطار: وحديث عبد الله بن حنظلة أخرجه أيضاً الطبراني في الأوسط والكبير، قال في مجمع الزوائد، ورجال أحمد رجال الصحيح. ويشهد له حديث البراء عند ابن جرير بلفظ (الربا اثنان وستون باباً أدناها مثل إتيان الرجل أمه)، وأخرج ابن جرير عنه نحوه، وكذلك أخرج عن نحوه ابن أبي الدنيا. وحديث عبد الله بن مسعود عند الحاكم وصححه بلفظ (الربا ثلاث وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم) نيل الأوطار، ٥/٢١٤، باب التشديد في الربا، الطبعة الأخيرة، مصطفى البابي الحلبي.