رابعاً: إن واقع الميسر عند العرب ليس قيداً في التحريم لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وكل واقع ينطبق عليه الميسر يكون محرماً بالدليل والمؤكدات الأربع عشرة المذكورة. ولا يستثنى منه شيء ويحلل إلا بدليل. لأن التحريم وهو تفصيل للمحرمات قد جاء عاماً محلى بالألف واللام. ولا يخصص إلا بدليل شرعي. وعليه فالقول إن (اليانصيب) لا يحوز على كل مواصفات الميسر في الجاهلية ثرثرة كلام، وطيش أقلام لا تغني من الحق شيئاً وهي شوائب محضة يجب أن ينقى التفسير منها. ولهذا فاللعب بالورق أو النرد أو الشطرنج أو بأي شيء آخر يتحقق فيه صور الميسر سواء كان معهوداً عند الجاهلية أم لم يكن كذلك فهو حرام بالنص المذكور.
خامساً: إن قاعدة الشيخ رشيد في الحلال والحرام: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ (١) قاعدة ميكافيلية وليست قاعدة شرعية لأن هذه الآية بالإجماع، -وباعتراف الشيخ رشيد نفسه- لا تحريم فيها للخمر ولا للميسر. ثم جاءت آية قطعية في ثبوتها وفي دلالتها –حسب اعتراف الشيخ رشيد كذلك- تحرم الخمر والميسر وعليها المعتمد في حكم الخمر والميسر. فالتخلي عن اللاحق والأخذ بالسابق لم نعهد عالماً من المسلمين يجوّز أن يقول به ولهذا يعد ما جاء به الشيخ رشيد شوائب محضة. وقاعدة العمل باللاحق قاعدة شرعية ووضعية، وعدم العمل بها لا يصدر إلا بالتشهي والهوى.