المبحث الثالث: تعدد الزوجات، وزواج المسلمة من الكتابي
أ- تعدد الزوجات
…هذا تعبير متأخر يقصد به غمز الإسلام ولمزه من هذه الناحية. ولم يستعمله فقهاء المسلمين عامة، ولا تجده في كتبهم ومؤلفاتهم التي لا تحصى. وأمر الزواج بأكثر من واحدة عند الفقهاء شرع ثابت، وسنة متبعة، ولا غرابة فيه حتى أنهم لم يختلفوا مطلقاً في هذا الحكم رغم اختلافهم في أكثر أبواب الفقه ومسائله لأنه بدليل قطعي في الثبوت والدلالة، ولا مجال للاجتهاد فيه. وعمل الفقهاء إنما يظهر في الأدلة الظنية لأنها محل الاجتهاد، وميدان الرأي المستند إلى الأدلة التفصيلية. وعندما هيمن الغرب النصراني، في دول الأيام، بعقيدته الوضعية الجديدة، فصل الدين عن الحياة، وجعل من أحكام الإسلام ومعالجاته أهدافاً يوجه سهامه إليها. وشكك في صلاحيتها، وقدرتها على المعالجة. وكانت قضية تعدد الزوجات من القضايا الأولى التي أولاها بالاهتمام، ليعيد تنظيم الأسرة في المجتمع الإسلامي على غرار تنظيم الأسرة في المجتمع الأوروبي، بعد الثورة الفكرية والصناعية الحديثة. وقد كانت قضية الأسرة والمرأة قبل زمان غير بعيد أعظم فارق بين الإسلام وغيره في المجتمع. فالغرب اشتهر بكثرة الخليلات والسفاح والتعدد غير الشرعي. والإسلام اشتهر بالنكاح الشرعي وبتعدد الزوجات لغاية أربع وحظر العشيقات والخليلات. ونشأ عن الأول مشاكل يصعب حصرها أبرزها: الأولاد غير الشرعيين، تفكك الأسرة، الإجهاض، الأمراض الناتجة عن الاتصال الجنسي خارج نطاق الزوجية، وتخفيف أعباء المسؤولية عن الرجل، والبطالة.


الصفحة التالية
Icon