…وقال أبو حيان في البحر المحيط عن مفهوم الشرط (الأول)، والظاهر أنه لا يباح النكاح مثنى أو ثلاث أو رباع إلا لمن خاف الجور في اليتامى لأجل تعليقه عليه أما من لم يخف فمفهوم الشرط يدل على أنه لا يجوز له ذلك. والإجماع على خلاف ما دل عليه الظاهر من اختصاص الإباحة بمن خاف الجور، أجمع المسلمون على أن من لم يخف الجور في أموال اليتامى يجوز له أن ينكح أكثر من واحدة، اثنتين وثلاثاً وأربعاً كمن خاف فدل على أن الآية جواب لمن خاف ذلك وحكمها أعم(١). وهذا يدل على اتفاق ابن العربي وأبي حيان في نقل الإجماع.
…قال القرطبي: "الآية ناسخة لما كان في الجاهلية وفي أول الإسلام من أن للرجل أن يتزوج من الحرائر ما شاء. فقصرتهن الآية على الأربع(٢). وقد عرج القرطبي على من زعم إباحة ما فوق الأربعة فردّه إلى بُعْدِ فَهْمِهِ للكتاب والسنة وإعراض عما كان عليه سلف هذه الأمة، وذلك بسبب جهله باللسان والسنة ومخالفة لإجماع الأمة إذ لم يسمع عن أحد من الصحابة ولا التابعين أن جمع في عصمته أكثر من أربع بعد نزول هذه الآية. وأشار إلى قصة تخير الرسول - ﷺ - لغيلان الثقفي والحارث بن قيس(٣). هذا ولم يورد أحد من المفسرين القدامى أي شرط أو قيد على الزواج ولم يجعل له أحد منهم علّة شرعية بل إن قوله تعالى ﴿ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء ﴾ يغري بالتعدد ويدل على نفي التعليل.
(٢) القرطبي، أبو عبد الله، الجامع لأحكام القرآن، م٥، ص١١-٢٣.
(٣) المصدر السابق نفسه.