قوله: إن التعدد رخصة قول من لا محصل عنده، وهو مبني على الهوى وليس مستنبطاً. فالرخص في الإسلام أحكام شرعية مخففة للعزيمة لعذر مع بقاء حكم العزيمة دون أن تلزم العباد بالعمل بها وهي مأخوذة من النصوص والتعدد في الإسلام يتراوح عند الفقهاء بين المباح والمندوب حسب قرائن النصوص. من الكتاب والسنة وهي إلى الندب أقرب منها للإباحة.
قوله: "من لم يلتزم الشرط فزواجه غير إسلامي" قول باطل لأن الشرط معطل انعقد الإجماع على عدم العمل به. وفيه تناقض لقوله قبل تسع صفحات حيث قال: "وتقدم أنه يحرم على من خاف عدم العدل أن يتزوج أكثر من واحدة. ولا يفهم منه كما فهم بعض المجاورين أنه لو عقد في هذه الحالة يكون العقد باطلاً أو فاسداً فإن الحرمة عارضة لا تقتضي بطلان العقد فقد يخاف الظلم ولا يظلم. وقد يظلم ثم يتوب فيعدل فيعيش عيشة حلالاً"(١).
وأما قوله للإمام أن يمنع المباح الذي يترتب عليه مفسدة قائمة والمصلحة بخلافه –فهو قول مردود في هذه القضية حيث نص عليها القرآن الكريم، وأكدتها وبينتها السنة النبوية الشريفة، وانعقد عليها إجماع الصحابة والمسلمون أجمعون. وأما المباحات التي للخليفة أن يمنعها فتكون في الأمور الإدارية كتنظيم السير مثلاً ونحوها وما أوكلت إليه شرعاً من مهام، أما في قضية تعدد الزوجات فلا محل لرأي الإمام مع قول الله تعالى ولأنها ليست مما أوكلت إليه شرعاً من مهام.
وأما التهذيب الذي يقتضي منع تعدد الزوجات وأن الشيخ رشيد وصحبه عليه فهو ثرثرة كلام وطيش أقلام لا محل له في تشريع الإسلام. حيث أن الوحي وحده مصدر التشريع.

(١) تفسير المنار، م٤، ص ٣٥٠.


الصفحة التالية
Icon