إن حكم الإسلام في زواج المسلمة من الكافر حرام شرعاً، وإذا وقع فهو نكاح باطل لا ينعقد، ولا يترتب عليه أي أثر لعقود النكاح الصحيحة في الإسلام والدليل على ذلك قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ (١) وفي الآية نفسها قال تبارك وتعالى: ﴿ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾. والنص صريح بلفظ الكفار فهو يشمل أهل الكتاب والمشركين على حد سواء، وأهل الكتاب لا يشك في كفرهم إلا أهل الزيغ والضلال أو الجهلة لأن تكفيرهم ورد في القرآن بصريح المنطوق ﴿ مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ (٢): ومن: هنا بيانية وليست للتبعيض. قال الزمخشري: من الأولى للبيان لأن الذين كفروا جنس تحته نوعان: أهل الكتاب والمشركون كقوله تعالى: ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ ﴾ (٣). وقال صاحب البحر المحيط: "والظاهر العموم في أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى وفي المشركين وهم مشركو العرب وغيرهم"(٤)

(١) سورة الممتحنة، آية ١٠.
(٢) سورة البقرة، آية ١٠٥.
(٣) سورة البينة، آية ١. وانظر تفسير الكشاف، ١/٨٧، طبعة دار المعرفة، وانظر تفسير أبي السعود، ١/١٤٢، وانظر روح المعاني للألوسي، ١/٣٥٠، وانظر التفسير الكبير للفخر الرازي، ٣/٣٢٤، وغيرها.
(٤) تفسير البحر المحيط، لأبي حيان الأندلسي، ١/٣٣٩. وانظر تفسير أحكام القرآن، لابن العربي، ٤/١٧٨٨ وانظر أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/٤١٠، وقال ابن المنير على حاشية الكشاف استدل بهذه الآية على خطاب الكفار بالفروع، والمراد به يحرمن على الكفار لأن قسيمه متفق على أن المراد تحريم الكفار على المؤمنات فيكون كل من القبيلين المؤمنات والكفار مخاطباً بالحرمة تفسير الكشاف ٤/٨٩.


الصفحة التالية
Icon