إن العلة المعمول بها في الشرع هي العلة المنضبطة الواردة في النصوص أو مستنبطة منها. أما العلل العقلية الخارجة عن النصوص فلا محل لها في التشريع السماوي وهي خاصة بالتشريع العقلي الوضعي فما زعمه الشيخ رشيد من علة ومن تشبيه النصارى بالمسلمين بالانحراف في أصولهم طيش أقلام وثرثة كلام لا يعتد به ولا يجوز أن يستنبط على أساسه أي علة أو أي حكم شرعي. وما بني عليه فهو باطل ومن الشوائب.
إن المسلمين يتبعون ما جاء به الوحي قولاً وعملاً والكتاب والسنة. وهما مرجعيتهما في الأمور كلها. ولا يوقفون أتباع الوحي على إدراكهم للحكمة أو العلة. فإن وجدتا فنعما هي، وإن لم تذكرا يطبقوا منطوق ومفهوم النصوص ويعربوها دون أدنى تهوك.
إن تفسير القرآن الكريم يقتضي أن يكون حسب اللسان العربي ووفق المعاني الشرعية فلقب الكفار على إطلاقه يشمل جميع أنواع الكفار وتخصيصه بالمشركين كما ذهب الشيخ رشيد وحزبه(١) تحكم واتباع للهوى وهو من الشوائب التي ينبغي أن تلغى من التفسير. قال محمد الأمين الشنقيطي في تفسير أضواء البيان (وعليه تكون حرمة المسلمة من الكافر مطلقاً مشركاً كان أو كتابياً على التأبيد ﴿ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ ﴾ أي في الحاضر ﴿ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ أي في المستقبل"(٢).
(٢) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، الشنقيطي، محمد الأمين بن محمد المختار الجنكي، ٨/١٦٤، طبعة عالم الكتب، بيروت، والتتمة من عمل تلميذه عطيه محمد سالم.