…وكذلك يكون معنى هذا الضابط أن نحصر أخذ المعاني الشرعية كالصلاة والصيام والجهاد والزكاة والحج، والأحكام الشرعية كتحريم الربا، وحل البيع، وإباحة الزواج وتحريم الزنا، وتحريم الخمر والميسر، وإباحة الماء والتجارة يحصر كل ذلك بالكتاب والسنة ليس غير. ذلك أن في القرآن الكريم آيات كثيرة لا يكفي لفهمها معرفة اللغة العربية، وإنما تحتاج إلى معلومات عن بعض ألفاظ من واضعها لأنها تشير إلى مدلولات معينة، وجهة الوضع هي المخولة ببيان دلالتها. كما أن معاني الألفاظ اللغوية محصور فهم دلالتها بالمعنى الذي حدده واضعو اللغة من العرب الأقحاح على معهودهم. فالصلاة عند إطلاقها تدل على المعنى الشرعي لهذا اللفظ وينسى المعنى اللغوي تماماً. والحقائق الشرعية غير الحقائق اللغوية، وهي ليست من قبيل المجاز ولا بوجه من الوجوه لأن الشارع لم ينقله للمعنى الثاني لعلاقة كما هو شرط المجاز. بل هو من قبيل الحقيقة الشرعية. وعليه فهذا الضابط مستنبط من واقع القرآن الكريم من حيث المعاني والأفكار والأحكام الشرعية وليس من اللغة، وليس من الرأي والعقل، ولا من مصطلحات علماء الإسلام، بل من واقع نصوص الشرع نفسها.
محترزات الضوابط:
…إن ضوابط التفسير الآنفة الذكر تضرب على التفسير سياجاً يقيه عادية الشوائب، وبها نستطيع أن نخرج كل الشوائب التي تسللت أو يمكن أن تتسلل إلى التفسير سواء أكان في العصر الراهن أم في العصور السالفة، ويمكن إجمال محترزات الضوابط بالآتي:
ما جاء به العقل الحر.
ما ورد في التفسير من كتب التوراة والإنجيل والقصص والحكايات التاريخية.
التفسير بالرأي المجرد، أو بالاجتهاد بلا أساس، أو بالتخييل.
التفسير من خلال التعصب المذهبي أو الهوى.
التفسير المعتمد على الفلسفة اليونانية والحديثة.
التفسير الأدبي والبياني الذي يجعل القرآن كتاب العربية الأكبر منسلخاً عن المعاني الشرعية.