…والصواب الوقوف عند قوله ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ﴾. والابتداء بـ ﴿ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾ أي أنه لم يهم لأنه رأى برهان ربه. فجواب لولا محذوف دلّ عليه ما تقدمه. ويؤكد ذلك قوله تعالى في الآية نفسها ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء ﴾ (١)، ولم يقل لنصرفه عن السوء والفحشاء. ومن يجل النظر في السياق كله السابق واللاحق يجد أن الهم بالفاحشة كان من جانب واحد وهو جانبها هي. وأخيراً شهادتها بعد أن حصحص الحق وطلب الله –تعالى- من يوسف –عليه السلام- أن يعرض عن هذا الذي كان من امرأة العزيز إليه. وطلب منها أن تستغفر لذنبها لأنها كانت خاطئة. وبعد أن أقامت الدليل لنسوة المدينة في إعذارها لمحبته اعترفت اعترافاً صريحاً لا لبس فيه ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ ﴾ (٢). فأثبتت أنها هي قد همت فعلاً ولكنه أبي واستعصم المقرونة بحرف الفاء الذي يفيد التعقيب مباشرة في رفضه وعدم همّه. حيث إنه لم يتلكأ، ولم يتردد في الإباء، وعدم الاستجابة كل ذلك بعد أن رأى برهان ربه عياناً أو كالعيان. فتأويل الزمخشري أوقعه في مس سمعة نبي من أنبياء الله –تعالى-.
٥- حملته على أهل السنة ووصفهم بصفات وصلت إلى حد تكفيرهم.
(٢) سورة يوسف من الآية ٣٢.