…أكثر الزمخشري من ذكر القصص الإسرائيلية فقال عند تفسير قوله تعالى: ﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ (١): "روى أن عيسى – عليه السلام – لما أراد الدعاء لبس صوفاً ثم قال: اللهم أنزل علينا فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين فوقه، وأخرى تحتها. وهم ينظرون إليها حتى سقطت بين أيديهم، فبكى عيسى –عليه السلام-، وقال: اللهم اجعلني من الشاكرين، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها مثلة وعقوبة. وقال لهم: ليقم أحسنكم عملاً يكشف عنها ويذكر اسم الله عليها ويأكل منها. فقال شمعون رأس الحواريين: أنت أولى بذلك. فقام عيسى فتوضأ وصلى وبكى، ثم كشف المنديل وقال: بسم الله خير الرازقين، فإذا سمكة مشوية بلا فلوس ولا شوك تسيل دسماً وعند رأسها ملح وعند ذنبها خل، وحولها من ألوان البقول ما خلا الكراث، وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون، وعلى الثاني عسل، وعلى الثالث سمن، وعلى الرابع جبن، وعلى الخامس قديد، فقال شمعون: يا روح الله أمن طعام الدنيا أم من طعام الآخرة؟ فقال ليس منهما، ولكن شيء اخترعه الله بالقدرة العالية، كلوا ما سألتم واشكروا يمددكم الله ويزدكم من فضله، فقال الحواريون: يا روح الله لو أريتنا من هذه الآية أية أخرى؟ فقال يا سمكة أحيي بإذن الله. فاضطربت، ثم قال لها: عودي كما كنت، فعادت مشوية ثم طارت المائدة. ثم عصوا بعدها فمسخوا قردة وخنازير"(٢).
(٢) انظر ١/٦٥٥، تفسير الكشاف، طبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة ١٣٨٥هـ-١٩٦٦م. وانظر على سبيل المثال ١/٣٨٩، ٣٩٠، ٣٩١.