…وقال في تحديد شكل الوحدة: "إننا نريد من الوحدة أن تتحقق فيها معاني الأخوة والتعاون الاجتماعي والاقتصادي والحربي والسياسي والثقافي. ولكن كيف تتحقق هذه الأمور؟ أتتحقق بإحياء الخلافة الإسلامية كما كانت في عهد الراشدين؟ إن هذا هو الاجتماع الأمثل خصوصاً أنه قد وردت به الآثار، وكان عليها الصحابة أجمعون. ولكن أيمكن الأخذ بها في هذا العصر، وأيمكن تحقق شروطها، وهل من المصلحة بعد أن توزعت أرض المسلمين ذلك التوزيع أن تكون دولة واحدة، يرجع فيها الحكم إلى إمام هو أعظم الولاة؟ ونقول في الجواب عن هذا إننا لا نرى أن تكون الوحدة قائمة على دولة واحدة لها حكومة مسيطرة على كل المسلمين، فإن ذلك لا يمكن من الوضع الهندسي للبلاد الإسلامية في الأرض، وخصوصاً أن الأراضي الإسلامية ليست متصلة الأجزاء، وأن الأقاليم كما ذكرنا عندما امتد إليها الفتح الإسلامي كانت لها شخصياتها، والإمام له السلطان عليها، والتنظيم الكامل غير بعيد عنه، ولكنه في عماله وحكومته له استقلال ذاتي) (١).
…وإننا إذا اتجهنا إلى تكوين الوحدة الإسلامية، فإننا نتجه إلى أن تكون مناسبة للعصر. ولا ننسى المبادئ الإسلامية، فإننا إذا تأثرنا بروح العصر إنما هو في شكل الوحدة لا في جوهرها(٢).
(٢) محمد أبو زهرة، الوحدة الإسلامية، ص ٢٤٣.