…مما سبق ندرك أن الشيخ محمد أبا زهرة قد أعد مشروعاً سياسياً ليلقى في مؤتمر سماه (كعادة الإعلام الموجه) إسلامياً. يبحث الأمور ليس من زاوية الإسلام، أي ليس من زاوية أن يذكر الدليل التفصيلي ثم يستنبط منه الحكم، بل أن الأمر يخص المسلمين ويراد منهم أن يكون أمرهم على رغبات الحاكمين والمتحكمين في رقاب العباد. والوحدة التي يدعو لها هي الوحدة الإنسانية التي يقبل المُسْتَعْمَر أن يتعايش فيها تحت حكم المُسْتَعْمِر، وخلاصتها العبادات والعقائد التي لا علاقة لها بالحياة العامة، فيتوحد المسلمون بالمشاعر فقط، وقد جعل الشيخ أبو زهرة مصدر مشروعه الواقعية وروح العصر. وليس الكتاب ولا السنة. وهذه المصادر لا تمت للإسلام بسبب ولا نسب كما يعلم مما جاء به الوحي. ورأى أن الخلافة الإسلامية الراشدة مثالية أي إما خيالية لا يمكن تطبيقها الآن، وإما أن تكون حلماً وآمالاً، والحلم ما دام حلماً لا قيمة له ما لم يطبق على أرض الواقع، والشيخ يرى صراحة أن الوحدة الإسلامية بالمفهوم الإسلامي أمر غير ممكن مع الوضع الهندسي للبلاد، أي مع وجود الصياغة الاستعمارية لبلاد المسلمين، والذي يريده هي وحدة مشاعر في نفوس المسلمين وأن يكون بين الأقطار الإسلامية اتحاد، ويختار كل قطر شكل الحكم الذي يريده ملكياً، جمهورياً، إماراتياً... الخ كما يريد أن تكون الخلافة اسماً فقط كمحمد رشاد بعد انقلاب مصطفى كمال.
…واقترح أن تكون مدة حكم الخليفة متناوبة أي كنظام الجمهوريات الغربية وليس على ما هو تشريع رب العالمين، وعليه يكون الخليفة حاملاً للأختام كملكة بريطانيا. وعليه يكون الشيخ أبو زهرة يريد معنى كلمة الوحدة وليس الوحدة كما يدل عليه اللفظ. وهذه كلها شوائب تعارض أدلة الإسلام في الموضوع وسنأتي عليها بعد قليل.


الصفحة التالية
Icon