…وقال: "إننا إذا لخصنا الأحكام الخاصة بالشؤون السياسية في القرآن والسنة فلن نجد من بينها ما ينص على (شكل معين) للدولة. وبمعنى آخر إن الشريعة لا تضع لنا نموذجاً محدداً يجب على الدولة الإسلامية أن تتشكل على مثاله، ولا هي تضع لنا خطة مفصلة لنظرية دستورية"(١). وقال: "إن حاجات الإنسان السياسية حاجات مرتبطة بالزمن، متغيرة مع تغيره، وليس هناك أنظمة أو أحكام شرعية مهما تكن صارمة يمكن لها أن تحد من فعالية هذا القانون الطبيعي الغلاب قانون التغير والتطور، ولهذا فإن الشريعة الإسلامية لم تحاول المستحيل"(٢).
…ثم قرر أن الإسلام حدد المبادئ الأساسية وترك التفاصيل لاجتهاد المسلمين في كل عصر، ثم فصل ذلك فقال: "أما بالنسبة للموضوع الذي نعالجه فيمكننا أن نقرر باطمئنان أنه لا يوجد (شكل واحد) للدولة الإسلامية بل إن هناك أشكالاً كثيرة، وإن على المسلمين في كل زمن أن يكتشفوا الشكل الذي يلائم ويحقق حاجاتهم شريطة أن يكون الشكل والنظام اللذان يقع عليهما الاختيار متفقين تماماً مع الأحكام الشرعية الظاهرة المتعلقة بتنظيم حياة المجتمع"(٣).
…وقال عن جهاز الحكم في عهد الراشدين: "إن الجهاز السياسي الذي أوجدوه (الصحابة) كان من ثمرة الاجتهاد، كما ساهمت في تكوينه على هذه الصورة ضرورات زمانهم ومقتضيات عصرهم، ولم يكن يقوم على أحكام الشريعة وحدها"(٤).
…وسأجمل الرد على الجميع بعد قليل إن شاء الله تعالى، وسأبين أنها شوائب لا تمت للتفسير ولا للإسلام بسبب أو نسب.

(١) المصدر السابق نفسه.
(٢) منهاج الحكم في الإسلام، محمد أسد، ص ٥٥.
(٣) المصدر السابق نفسه.
(٤) منهاج الحكم في الإسلام، محمد أسد، ص ٥٧.


الصفحة التالية
Icon