٦- الجيش وأمير الجهاد(١). فقد كان - ﷺ - هو الأمير الفعلي للجيش، وهو الذي يباشر إدارته في الغزوات. وهو الذي يعين القادة في السرايا. وفي فتح مكة نظمه تنظيماً أذهل قريشاً فقد جعل الجيش كتائب، وجعل لكل كتيبة علماً وقائداً. وعين عبد الله بن جحش ليكون بمثابة قائد الاستخبارات العسكرية في العصر الراهن. وذلك ليستطلع أخبار قريش، ومن القادة الذين عينهم رسول الله - ﷺ - أبو عبيدة عامر ابن الجراح، وسعد بن أبي وقاص وأسيد بن حضير، وعبد الله بن أبي رواحة، وجعفر بن أبي طالب وغيرهم. وكتب السيرة تحوي تفصيلات ذلك. هذا ولم يكن للرسول - ﷺ - جيش دائم، لأن الأمور لم تكن تقتضي ذلك. وكان كل المسلمين الذين يصلحون للقتال بمثابة جيش احتياطي. وفي هذا الزمان يقتضي أن يكون الجيش دائمياً ولا مانع من ذلك.
٧- مجلس الأمة: وعمله الشورى ومحاسبة الحاكم على غرار ما كان عليه زمن رسول الله - ﷺ -. وليس على ما هو كائن في هذه الأيام لاختلاف النظامين عقيدة وأعمالاً أي نظاماً. ووجه الشبه هو الاسم فقط. والمجلس سواء أكان دائماً أم مؤقتاً فلا مانع، وكذلك التعيين أو الانتخاب كلاهما جائز. وكان - ﷺ - يستشير صحابته كلما حزبه أمر منها ما كان يوم بدر ويوم أحد، وفي حادث الإفك. وكان من يستشيرهم من نقباء القوم وأشهرهم: أبو بكر وعمر وحمزة وعلي وابن مسعود وسلمان وعمّار وحذيفة، وأبو ذر والمقداد، وبلال فكان - ﷺ - يكثر من استشارتهم. والدليل من القرآن قوله تعالى ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ﴾ (٢). وقوله تعالى: ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ (٣). على سبيل المدح.

(١) انظر الأحكام السلطانية، لأبي يعلى الفراء، ص٣٩، تقليد الإمارة على الجهاد.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٥٩.
(٣) سورة الشورى، الآية: ٣٨.


الصفحة التالية
Icon