…وكذلك شكل الحكم في الإسلام ليس اتحادياً كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ لكل إقليم حكمه الخاص، وميزانيته الخاصة، وقوانينه الخاصة، بل نظام الخلافة نظام وحدة لا تستقل فيه الولايات لا في الحكم ولا في الميزانية ولا في القوانين. والخليفة هو الذي يعيّن الولاة سواء من داخل الولاية أو من خارجها، وهو الذي يعزلهم، والقوانين واحدة في جميع الولايات حسبما يتبنى الخليفة من أحكام. والميزانية تنفقها كل ولاية حسب احتياجها لا حسب ما يأتيها من إيرادات. وعليه فنظام الخلافة ليس اتحادياً ولا ينبغي أن يحسب على الإسلام. ولا يجوز أن يكون أي قانون خارجاً عن الشرع، فليس للولاية أن تضع أي قانون خارجاً عن الشرع. ولذلك فإن النظام الاتحادي يغاير نظام الحكم في الإسلام.
…وكذلك شكل الحكم في الإسلام ليس امبراطورياً، لأن النظام الامبراطوري لا يساوي بين الأجناس في الأقاليم في الحكم بل يميّز المركز في الحكم والمال والاقتصاد. وقد يجعل بعض الأقاليم مستعمرات، أو يعاملها كذلك فتكون الأقاليم لخدمة المركز العام. في حين أن الإسلام يجعل جميع أفراد الرعية متساوين في الحقوق والواجبات لا فرق بين مسلم وذمي إلا فيما شرعه الله من الزكاة على المسلم والجزية على الذمي، ويشركهم في الماء والكلأ والنار، أي في المعادن العامة، فلهم ما للمسلمين من الإنصاف وعليهم ما على المسلمين من الانتصاف. ولا فرق بين الرعاية في العاصمة وبين الرعاية في أي قرية على تخوم العدو ما دامت ضمن حدود دار الإسلام. فالمساواة بين المحكومين شرعة ثابتة يحاسب الله الإمام عليها إذا خالفها، وعلى الناس أن يحاسبوا الخليفة إذا حاد عنها، وعليه فلا يجوز أن نقول الإمبراطورية الإسلامية ونعني بها نظام الخلافة.


الصفحة التالية
Icon