…من يتعمق في كلام الشيخ رشيد يجد أنه يعمد للأمور المتواترة القطعية ويعمل على زعزعتها وقلبها رأساً على عقب. فرسم المصحف توقيفي وقطعي ومع ذلك فتحت ما سماه الضرورة انتهك قدسية القطعي وجوز طباعة المصحف بغير رسمه الذي نزل به الوحي إلى خطوط تعارف عليها الناس في عصر لا تملك الأمة الإسلامية من أمرها شيئاً فيؤول الأمر إلى أن يصبح القرآن كالإنجيل له صياغات متعددة، ويصير لكل شعب، بل لكل قبيلة مصحف خاص بها، ويتناسى الناس قرآن رب العالمين. وهذه الخطورة الجسيمة تقودنا لإدراك مدى الضرر الذي يلحق بدين الإسلام من جراء استعمال القواعد الشرعية في غير ما وضعت له وتعديتها لأحكام غيرها، وتجاهل النصوص. فهذه شوائب ماحقة نسأل الله أن يبصر الأمة بها.
…وتنفيذاً لهذه الفتوى الجريئة انطلقت دعوى نشاز من رجاء النقاش بعنوان: (حرروا القرآن من هذه القيود) ومما قاله: كيف يمكن أن ننظر للقرآن نظرة عصرية؟ إذا أردنا أن نضع النقاط فوق الحروف ونتحدث بصراحة فلا بد أن نقول إن هناك كثيراً من القيود المفروضة على القرآن. وواجبنا هو أن نحرر القرآن من هذه القيود، حتى يعيش القرآن في حياتنا أكثر مما يعيش الآن، وحتى يتاح له أن يؤثر في نفوسنا ذلك التأثير الواسع العميق الذي استطاع القرآن أن يحققه في أجيال وعصور سابقة ويستطيع القرآن أن يحققه بالتأكيد بالنسبة لغرضنا وجيلنا.
…وعلينا أن نحدد هذه القيود ثم نعمل بعد ذلك على تحرير القرآن منها حتى ولو أدى بنا الأمر إلى تحقيق ثورة دينية مثل تلك الثورة التي قادها (لوثر) في عالم المسيحية الغربية. وكانت هذه الثورة هي الحركة (البروتستانتينية) المعروفة! فما هي هذه القيود التي ندعو إلى التحرر منها؟


الصفحة التالية
Icon