مما سبق ندرك الآتي:
أولاً: المقصد من العقوبة في الدنيا والآخرة تهذيب النفوس.
ثانياً: يرى أن في الآخرة حكومات على طراز حكومات الدنيا.
ثالثاً: التهذيب يحل محل العقوبة والعذاب.
رابعاً: الأخلاق تلازم الروح بعد فراق الجسد.
خامساً: الحد يسقط بالتوبة.
…وهذه كلها شوائب ماحقة لا تمت للتفسير بسبب ولا نسب وهي تدل على عقيدة فاسدة وإليك بيان زيفها:
…أما الأول فهو ادعاء بدون دليل. وهو يغاير مفهوم العقوبة في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فالعقوبات زواجر وجوابر. تجبر الإثم عن فاعلها، وتزجر غيره عن أن لا يعود لمثله قال تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ (١). وقال البخاري باب الحدود كفارة(٢). فعقوبة القتل مثلاً سواء أكانت للقاتل أم للزاني المحصن فهي تجبر الجريمة عن صاحبها، وتزجر غيره عن أن يفعلها حتى لا يحل به ما حل بمن طبقت عليه العقوبة. وأما في الآخرة فهي جزاء وفاقاً لما اقترفت يداه. والنصوص قطعية في العذاب المتصل فلا يحيون فيها حياة طبيعية ولا يقضى عليهم فيموتوا. ويبقون في العذاب الأليم خالدين فيها أبداً. وأي تهذيب للنفوس التي تتعذب كلما نضجت جلودهم بدلها الله بجلود غيرها ليبقى حس العذاب متوالياً دون انقطاع!!!
(٢) صحيح البخاري، ٨/١٥ طبعة المكتبة الإسلامية، استانبول، تركيا، وفيه حديث عبادة بن الصامت قال (كنا عند النبي - ﷺ - في مجلس فقال بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا وقرا هذه الآية كلها فمن وفي منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفارته. ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه).