مفهوم الآية أن من تاب من المحاربين والمفسدين في الآية بعد أن تقدر عليه لا تعفيه التوبة من إنزال العقوبة عليه. والمفهوم أقوى من خواطر الشيخ دروزة ومن يعتقد أنهم أئمة في التأويل كالشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا.
شوائب التفسير في عقوبة السارق:
…قال الشيخ دروزة: "فهلا يصح أن يقال لجواز إعفاء مثل هذه الحالات الاضطرارية(١) إذا ثبتت لدى الحاكم ولم تعد عند صاحبها حرفة. ولم تتعد نطاق الاضطرار. ونحن نميل إلى الإيجاب استئناساً بالتلقين(٢) القرآني والنبوي والراشدي. ولا سيما إذا لاحظنا واقع أمر حكام المسلمين وأغنيائهم، فقد جعل القرآن للفقراء والمساكين والأرقاء والمعسرين أنصبة وحقاً في كل مورد من موارد بيت المال من فيء وغنائم وصدقات –أي الزكاة- وأوجب على الحكام أداءها لهم بحيث لو فعلوا ذلك بحق لاكتفى كل ذي حاجة، ولقضي على العوز والجوع، فلم يقوموا بما أوجبه الله عليهم وبقي الفقراء والمساكين مرتكسين في أشد حالات البؤس والعوز والشقاء"(٣). وقد دعم رأيه هذا بورود كلمة عقوبة في حديث (من سرق دون (المجن) (٤) فعليه غرامة مثله والعقوبة) (٥). أي من يسرق دون النصاب الشرعي لحاجة يسد بها جوعه. كما استشهد بما
(٢) يرى أن التلقين هو ما لا نص فيه. والوسائل التدعيمية تعتبر عنده من قبيل الإرشاد لا النصوص الواجبة، ويقرن ذلك بما ورد عن النبي - ﷺ - مما لا نص مباشر فيه في القرآن. ومثلهما أفعال الخلفاء الراشدين.
(٣) دروزة، محمد عزت، التفسير الحديث، ١١/١٠٢.
(٤) الترس وهي في مادة جنن، وفي مادة مجن، والأصل أن الميم زائدة. انظر لسان العرب م١٣، ص٩٤، ص ٤٠٠.
(٥) ساق دروزة الحديث عن أبي داود وأحمد والنسائي عن عبد الله بن عمرو في سرقة الثمر المعلق، التفسير الحديث ١١/١٠١.