وهذا التفسير يدل على أن علاقة المغرب العربي بعلم التفسير كانت سابقة ليحيى بن سلام فقد دُرس تفسير القرآن الكريم في المغرب العربي، وصنف فيه قبل ابن سلام بدليل نقله عن شيوخ في هذا التفسير حتى عده الفاضل بن عاشور الحلقة الوحيدة التي تربط بين ابن جريج وتفسير الطبري(١).
وبعد تفسير ابن سلام يجيء تفسير آخر سبق تفسير الطبري، وهو كتاب أحكام القرآن لمحمد بن سحنون توفي سنة ٢٥٥ هـ، وقد ذكره القاضي عياض في كتابه ترتيب المدارك(٢)، ثم يشتهر علم التفسير المغرب العربي خلال القرون التالية ففي القرن الخامس يبرز تفسير المهدوي المسمى (التفصيل الجامع لعلوم التنزيل) وصفه حاجي خليفة بأنه :((تفسير كبير بالقول فسر الآيات أولاً ثم ذكر القراءات ثم الإعراب))(٣) إلا أن هذا التفسير الكبير لم يصل إلينا، وإنما وصل إلينا مختصره المسمى (التحصيل) (٤).
وفي القرن السادس يذكر العلماء تفسيرين ينتميان إلى المغرب العربي، هما تفسير القرآن لأبي بكر محمد بن إبراهيم الغساني، سكن مراكش وتوفي بها (سنة ٥٣٦ هـ)(٥)، وكذلك (نفس الصباح في غريب القرآن) لأبي جعفر أحمد بن عبد الصمد الأنصاري الخزرجي، وهو أحد من درس بجامعة القرويين بفاس (توفي سنة ٥٨٢)، ذكره مخلوف في شجرة النور الزكية(٦).
(٢) …ترتيب المدارك ٤/٢٠٥.
(٣) …كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ٤/٢٠٥.
(٤) …وهو مايزال مخطوطاً بالخزانة الوطنية المغربية بالرباط تحت رقم (٨٩ ف)، وحتى هذا الكتاب وصل إلينا نصفه تقريباً إذ يبتدئ من سورة الكهف إلى آخر القرآن. ( انظر المدرسة القرآنية في المغرب ص ١٩٩ ).
(٥) …ذكره الداودي ٢/٤٦ ومعجم المفسرين ٢/٢٦٦.
(٦) …شجرة النور الزكية ١/١٥٦.