إلا أنَّ هذا العمل لم يكن الأخير في هذا الشأن، فظهر نوع آخر من اللَّحن وهو عدم التمييز بين الحروف التي اتَّحدتْ صورتُها بدون نقط كالباء والتاء والثاء والجيم والحاء والدا والذال ونحوها.
فاختار الحجاج بن يوسف الثقفي(١)- ت٩٥ه - وإلى العراق آنذاك عاملين للقيام بإعجام الحروف، وهما يحي بنُ يعمر العدواني(٢)- ت قبل ١٠٠ه-، ونصر ابن عاصم اللَّيثي(٣)-ت ٩٠ه، ثم قام الخليل بن أحمد الإمام النحوي(٤)- ت١٧٥ه- بتغيير نقط الإعراب إلى علامات الإعراب المعروفة فقام بما هو آت:
(-َ) فوق الحرف المفتوح. (-ِ) فوق الحرف المكسور.
(-ُ)فوق الحرف المضموم. (-َّ)فوق الحرف للتشديد، وهي رأس (ش) من شديد.
(خـ) للسكون وهي رأس (( خـ)) من ((خفيف)).
كما وضع في المصحف أيضاً علاماتٍ للهمزة، والروم والإشمام، بل هو أول من صنَّف في النقط وذكْر عِلَله(٥).
(٢) يحيى بن يعمر العدواني، بصري تابعي جليل، قرأ على ابن عمر وابن عباس وأبي الأسود الدؤلي، وعنه أبو عمرو بن العلاء، وعبد الله بن أبي إسحاق، توفي ١٢٩ه. ينظر: غاية النهاية ٢/٣٨١.
(٣) نصر بن عاصم الليثي ويقال الدؤلي البصري النحوي، تابعي، سمع من مالك بن الحويرث وأبي بكر الثقفي، وعنه عون العقيلي، ومالك بن دينار، توفي سنة ٩٠ أو ١٠٠ه. ينظر: معرفة القراء الكبار ١/١٧٠، غاية النهاية ٢/٣٣٦.
(٤) الخليل بن أحمد بن عمر الفراهيدي، ويقال: الفرهودي، رأس في النحو، إمام مشهور، =
= …وواضع علم العروض، له عدة مصنفات في العربية، منها كتاب العين، توفي سنة ١٧٠ه، ينظر: وفيات الأعيان ٢/٢٤٣-٢٤٧،: غاية النهاية ١/٢٧٥.
(٥) ينظر: المقنع في رسم مصاحف الأمصار لأبي عمرو الداني ص ١٢٥، والمحكم في نقط المصاحف له أيضا ص ٦، ٩، ومقدمة مختصر التبيين لأبي داود سليمان بن نجاح.