... وُلد في المحرم من سنة اثنين وثمانمئة في القاهرة، وقد فارق والده الحياة وهوصغير، فنشأ يتيما، وحفظ القرآن، واشتغل بالخياطة، فمهر فيها، ثم انصرف إلى طلب العلم، فنبغ وأُذِن له بالتدريس، فتصدر بقبة البيبرسية يُدرِّس الحديث وعلومه، ثم رغب عنه، ثم أصبح شيخ مدرسةٍ بباب القرافة، ثم عُيِّن شيخا للشيخونية، ولكنّ المنية عاجلته قبل أن يُمارس ذلك.
... كان ضيق المرتزق، لم ينل من المناصب ما يناسب مكانته، وعلى الرغم من ذلك فقد كان عفيف النفس، عرض عليه رفيقه السيف الحنفي الذي كان في مشيخة المؤيديه السكنى بقاعتها لما كان يعلم من ضيق منزله، وكثرةعياله فرفض هذا العرض، ورتّب له الشمس الأمشاطي عندما عيّن في قضاء الحنفية كل شهر ثمانمئة درهم ؛ لمزيد اختصاصه به، ورغم كل هذا فقد كان مبسوط الكف، ينفق ما يصل إليه من أُعطيات الأمراء، وكان كثير العيال، يدفع الفقر بالانصراف إلى القراءة والتصنيف....
... تلمذ الشيخ قاسم لمشاهير الشيوخ في القاهرة، ثم أحبَّ أن يستكمل جوانب ثقافته، فعزم على الرحلة، فبدأ بالشام، وأخذ عن التاج النعماني جامع مسانيد أبي حنيفة لمحمد بن محمود الخوارزمي، وعلوم الحديث لابن الصلاح وغيرهما، ثم قفل راجعا إلى الاسكندرية، فقرأ بها على الكمال ابن خير، وقاسم التروجي، وبعد ذلك قصد مكة المكرمة حاجا، فالتقى بالكثير من العلماء، فأخذ عنهم، وفي طريق عودته زار بيت المقدس، وأخذ عن علمائها.
شيوخه :
... كان شيوخ قاسم الحنفي من أعلام عصرهم في الحديث، والفقه، وأصوله، والعقيدة وغير ذلك، ومن الذين حازوا أرفع المناصب العلمية في زمانهم، ولقد أكثر الشيخ من الأساتيذ الذين سمع منهم، وتلمذ لهم، ولم يكتف بأساتيذ مصر، بل رحل إلى الشام وبيت المقدس، فأخذ عن الشيوخ فيهما، ومن أشهر شيوخه :
ـ الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي الشهير بابن حجر العسقلاني ت ٨٥٢هـ.


الصفحة التالية
Icon