من النور إلى الظلمات صنع الأعداء لا الأولياء بدليل أن الشيطان لكم عدوّ نفيه تهكم بعمومتها كله لقوله (١٦) الذين آمنوا
( وفيها ) القول بالموجب فى هذه الجملة لأنهم لما ادعوا أن أولياؤهم تنصرهم قال صحيح لهم أولياء ولكن أولياؤهم الطاغوت الذين هم أذل من أن ينصروا أنفسهم فضلاً عن غيرهم
( وفيها ) الإطناب فى موضعين فى الذين آمنوا والذين كفروا إذ كان يقوم مقامه المؤمنون والكافرون
( وفيها ) الحذف فى موضعين وهما موصوف الذين وتقديره القوم
( وفيها ) التتميم فى قوله هم فيها خالدون لأنه لو اقتصر على أصحاب النار لاكتفى فى استحقاقهم لها لكنه تمم بوصف خلودهم فيها الذى هو قدر زائد على الدخول
( وفيها ) الإكتفاء حيث ذكر وعيد الكافرين دون وعد المؤمنين
( وفيها ) الاحتباك وهو أن تذكر جملتان ويحذف من كل ما أثبت نظيره فى الأخرى والتقدير هنا الله ولى الذين آمنوا وهم أصحاب الجنة والذين كفروا ليس الله بولىّ لهم وأولئك أصحاب النار فحذف من الثانى ما أثبت نظيره فى الأول وهو ولاية الله
( وفيها ) التغليب (١٧) فى أحد عشر موضعاً
الذين فى الموضعين وضمير آمنوا وكفروا وضمير هم فى المواضع الأربعة وخالدون لأنه شامل للذكور والإناث وغلب لفظ المذكر وفى أصحاب لأنه خاص بجمع المذكر وجمع المؤنث صواحب وصاحبات وفى الواو من يخرجونهم لأن الطاغوت شامل للشيطان والأصنام وكل ما عبد من دون الله نغلب ضمير المذكر العاقل
( وفيها ) الفرائد وهى الإتيان بلفظة فريدة لا يقوم غيرها مقامها وهى هنا فى لفظتين
المتقين والهدى وتمسكهم به بهيئة مركبة من الراكب والمركوب واعتلائه عليه قال وعلى هذا كان ينبغى أن تذكر جميع الالفاظ الدالة على الهيئة الثانية ويراد بها الهيئة الأولى بان يقال مثلاً أولئك على رواحل من ربهم فيكون مجموع تلك الألفاظ استعارة تمثيلية كل واحد من طرفيها مركب إلا أنه اقتصر فى الذكر على كلمة على لأن الإعتلاء هو العمدة فى تلك الهيئة إذ بعد ملاحظته تكون ملاحظة الهيئة اهـ فكلمة على حينئذٍ مستعملة فى حقيقتها إلا أنها جزء من ألفاظ المستعار المحذوفة والتمثيلية لا مجاز فى شيء من ألفاظها بالإجماع وأما السعد فيجيز أن يكون ما يعبر به عن الهيئة المنتزعة من عدة أمور لفظاً مفرداً ففى الآية على مذهبه استعارة تبعية من حيث تشبيه تمسك المتقين بالهدى باعتلاء الراكب على مركوبه و استعارة على من المشبه به للمشبه واستعارة تمثيلية لأن على تدل وحدها على تلك الهيئة الحاصلة بين الراكب والمركوب وقد مال أكثر المحققين إلى مذهب السعد إذ تقدير السيد ألفاظاً مقدرة لم يقم عليه دليل ولو ذكرت بازاء لفظ الهدى لكان الكلام مختلاً والحاصل أن فى الآية استعارة تبعية تمثيلية على مذهب السعد وتبعية فقط أو تمثيلية فقط على مذهب السيد وزاد السيد أن فيها استعارة بالكناية بتشبيه الهدى بالمركوب واستعارة المركوب وحذفه ورمز شيء من لوازمه وهو الإستعلاء
(١٢) ضمير المخاطب موضوع فى الأصل لمعين سواء كان مفرداً أو جمعاً وقد يخرج عن الأصل كما فى قوله تعالى ولو ترى إذ وقفوا على النار فإن الخطاب فيه لكل من يصلح للرؤية فهو مجاز مرسل علاقته الإطلاق