وأما القراءة بالألحان فقد قال الشافعي رحمه الله في مواضع : أكرهها. وقال في مواضع : لا أكرهها. قال : أصحابنا : ليست على قولين بل فيه تفصيل. إن أفرط في التمطيط فجاوز الحد فهو الذي كرهه، وإن لم يجاوز فهو الذي لم يكرهه. وقال قاضي القضاة ( الماوردي ) في كتابه " الحاوي": القراءة بالألحان الموضوعة إن أخرجت لفظ القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه، أو إخراج حركات منه، أو قصر ممدود، أو مد مقصور، أو تمطيط يخل به بعض اللفظ ويلتبس المعنى، فهو حرام، يفسَّق به القارئ، ويأثم به المستمع، لأنه عدل به عن نهجه القويم إلى الإعوجاج، والله تعالى يقول: ﴿ قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ..﴾ (١) قال : وإن لم يخرجه اللحن عن لفظه وقراءته على ترتيله، كان مباحاً، لأنه زاد بألحانه في تحسينه.
وذكر نحو هذا الخلاف الإمام ابن القيم في "زاد المعاد"(٢) وأطال الكلام فيه. ورجح مثل ما ذكر النووي.
٧- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله - ﷺ - قال :" من قرأ القرآن فأعربه كتب الله له بكل حرف أربعين حسنة، ومن أعرب بعضاً ولحن في بعض كان له بكل حرف عشرون حسنة، ومن لم يُعرب منه شيئاً، فإن له بكل حرف عشر حسنات ".
تخريج الحديث :
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (٧/٢٥٠٦) في (ترجمة نوح بن أبي مريم). ثنا حمزة الكاتب، ثنا نعيم بن حماد، ثنا نوح بن أبي مريم، عن زيد العمي، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكره واللفظ له.
وأخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " فصل في قراءة القرآن بالتفخيم والإعراب " (٢/٤٢٨) رقم (٢٢٩٦).
والرازي في " فضائل القرآن" ( ص ١٤٤).
والشجري في " الأمالي " (١/١١٩).

(١)... الزمر، رقم الآية : ٢٨.
(٢)... زاد المعاد ١/٤٨٢ - ٤٩٣.


الصفحة التالية
Icon