فإنه محمول على الرجل المُبِالغ في الكلام، والمُتشدق المُتكلف في أداء الحروف.
والمطلوب التكلم بالفصاحة البعيدة عما تنفر منه الأسماع(١).
ولا يعارضه أيضاً حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي - ﷺ - قال :( الحياء والعِيّ شُعبتان من الإيمان والبَذَاءُ والبَيان، شُعبتان من النفاق ) (٢).
قال الإمام الترمذي (٣) " العِيُّ : قلة الكلام، والبذاء هو الفُحش في الكلام، والبيان: هو كثرة الكلام، مثل هؤلاء الخطباء الذين يخطبون فَيُوسَّعُون في الكلام، ويَتَفَصَّحُون فيه من مدح الناس فيما لا يُرضي الله ".
قلت : فيُحمل الحديث على الكلام الذي فيه تكلُّف للناس بالفصاحة إلى حد التملق الذي يخرجه إلى صريح النفاق، وهذا ليس من شأن أهل الإيمان.
٤٤ - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - ﷺ - يقول :" رحمَ الله امرءاً أصلح من لسانه ".
سبب ورود الحديث :
اتفقت مصادر تخريج الحديث كلها أن سبب وروده هو :" مر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بقوم يرمون رِشْقاً.
فقال : بئس مارميتُم.
قالوا : نحن متعلمين، يا أمير المؤمنين.
فقال : لذنبكم في لحنكم أشد عليّ من ذنبكم في رميكم.
سمعت رسول الله - ﷺ -.. وذكره ".
تخريج الحديث :
(٢)... رواه أحمد ٥/٢٦٩ والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في العي /(٤/٣٧٥) رقم (٢٠٢٧)، وقال : حسن غريب، والحاكم في المستدرك (١/٨ و ٥٣)، وقال : صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه وقد احتجا برواته عن آخرهم، ووافقه الذهبي.
(٣)... سنن الترمذي ٤/٣٧٥، ويراجع : تحفة الأحوذي ٦/١٧٤.