وفي قصة موسى ـ عليه السلام ـ: ﴿وَأَخِي هَرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ (٣٤) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ [القصص: ٣٤ - ٣٥].
وهذه السمة هي مرتكز يؤكد على أهمية الشرط الكمي لجيل التغيير المنشود؛ أي لا بد من حركة جماعية منظمة تقوم بعملية التغيير.
وتدبر قوله -صلى الله عليه وسلم-: « خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ ». (١).
والعمل الجماعي وصيته -صلى الله عليه وسلم- لمن أراد النجاة، فعَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ، قَالَ : قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : أَيْنَ مَسْكَنُكَ ؟ قَالَ : قَرْيَةٌ دُونَ حِمْصٍ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ : مَا مِنْ ثَلاثَةِ نَفَرٍ فِي قَرْيَةٍ وَلا بَدْوٍ لاَ تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاةُ إِلاَّ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ " (٢).
والعمل الجماعي طريق إلى الجنة، فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ : خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ، فَقَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَامِي فِيكُمُ الْيَوْمَ، فَقَالَ : أَلاَ أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّهَادَةِ لاَ يُسْأَلُهَا، وَيَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى الْيَمِينِ لاَ يُسْأَلُهَا، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الاِثْنَيْنِ أَبْعَدُ، وَلاَ يَخْلَوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا، وَمَنْ سَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، وَسَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ." (٣)
وللجماعة بركة، ينالها حتى من كان في نيته دَخَن؛ فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - « إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِى الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ

(١) - سنن أبي داود - المكنز - (٢٦١٣ ) صحيح
(٢) - المستدرك للحاكم (٧٦٥) صحيح
(٣) - صحيح ابن حبان - (١٠ / ٤٣٧) (٤٥٧٦) صحيح


الصفحة التالية
Icon