ولم َتكذبونا وتهددونا بالرجم والتعذيب والقتل؛ أفهذا جزاء من أراد بكم خيراً فوعظوكم، وذكروكم بالله عز وجل، وبينوا لكم سبل النجاة في الدارين؟!
بل أنتم الذين أسرفتم وتجاوزتم التفكير السوي، ورفضتم سبل النجاة!! فتحملوا وزر موقفكم الشاذ، وانتظروا العاقبة منه ـ سبحانه ـ.
وفقه طبيعة الطريق هي سمة لازمة بل أساسية لكل طليعة رائدة، وذلك من شأنه أن يقي الصف من التساقطات، ومن الانتكاسات وظواهر النكول والنكوص.
وكل طليعة مؤمنة تدرك أن لها خيارين، لخّصهما سيد قطب ـ رحمه الله ـ:
فإما إلى النصر فوق الأنام
وإما إلى الله في الخالدين
؟ السمة السابعة: الثبات:
ويبين سياق القصة، من خلال موقف الرسل الكرام وردهم على أصحاب القرية، معلماً آخر أو سمة أخرى من سماتهم، وهي الثبات على الحق.
وهذه السمة تعدُّ محصلة أو جماع ونتيجة لكل السمات السابقة التي وضحتها الآيات، فما كان هذا الثبات ليأتي إلا من خلال كونهم ربانيين يثقون في مرجعيتهم وفي مصدر فكرتهم.
وما كان هذا الثبات ليأتي إلا من خلال كونهم جماعة تتعاضد ويساند بعضها بعضاً، وما كان لهذا الثبات أن يأتي إلا من خلال جديتهم في حمل الأمانة، ومن خلال فهمهم لدورهم الموكول، وهو حمل تلك الأمانة وتبليغها للناس، ومن خلال فهمهم للطريق واحتمالات النتائج.
ولا يقدر على الثبات إلا ذوو الطبيعة الإيجابية، والثبات على الحق سمة كل أصحاب الدعوات، حيث تبرز هذه الصفة جلية في سيرتهم.
وتدبر ثباته -صلى الله عليه وسلم- فعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، حدثنا عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنْه قَالَ : جَاءَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ، فَقَالُوا : يَا أَبَا طَالِبٍ ! إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ يُؤْذِينَا فِي نَادِينَا، وَفِي مَسْجِدِنَا، فَانْهَهُ عَنْ أَذَانَا، فَقَالَ : يَا عَقِيلُ ! ائْتِنِي


الصفحة التالية
Icon