وقيل إن وصفه لهم بتلك السمة؛ هي الصفة التي عرف منها قومه أنه على دينهم، وأنه يدرك الفرق بين الهداية والضلال، ويميز بين المهتدي والضال، فرجموه بسببها (١).
وتأمل موقف السجينين عندما احتاجاً لتأويل رؤياهما، فما كان منهما إلا أن قصدا يوسف عليه السلام، وذكرا سبب ثقتهما فيه ـ عليه السلام ـ؛ أن سلوكه كان طيباً، حتى وهو في داخل السجن، فنطقا مقرَّيْن: ﴿إنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦].
وإنه لدرس عظيم لكل طليعة مؤمنة أن تري ربها ـ عز وجل ـ منها كل قوة وخير، ثم تري المؤمنين من حولها بل كل الناس كل خير وسلوك حسن؛ حتى تنطق الألسنُ فيهم بالذكر الحسن.
وإنها لسمة راقية بارزة أن يتحدث بها الآخر!
﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: ١٠٥].
عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ :" وَاللَّهِ مَا احْتَقَرْتُ أَعْمَالَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَنْجُمَ الْقُرَّاءُ الَّذِينَ طَعَنُوا عَلَى عُثْمَانَ فَقَالُوا : قَوْلًا لَا نُحْسِنُ مِثْلَهُ، وَقَرَءُوا قِرَاءَةً لَا نَقْرَأُ مِثْلَهَا، وَصَلُّوا صَلَاةً لَا نُصَلِّي مِثْلَهَا، فَلَمَّا تَذَكَّرْتُ، إِذَا وَاللَّهِ مَا يُقَارِبُونَ عَمَلَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا أَعْجَبَكَ حُسْنُ قَوْلِ امْرِئٍ مِنْهُمْ فَقُلْ : وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ أَحَدٌ " " (٢).
؟ الدعامة الثانية للتغيير الحضاري: وهي وجود القاعدة الجماهيرية:
(٢) - تَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (١٠٧٧٠ ) صحيح وصحيح البخارى- المكنز - (٢٤ / ٤٠٦) ٤٦ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالاَتِهِ ) معلقا بصيغة الجزم