وما دام من البيئة نفسها فهو الأعرف بطبيعة قومه وبمداخل إقناعهم، وأعلم بنفوسهم وأمراضهم الاجتماعية، وأدرى بمشكلات حياتهم.
وهذا ما يبين لنا سمة مهمة من سمات القاعدة الجماهيرية، وهي أن تكون معروفة النسب، ومن البيئة نفسها، وأن تكون فوق مستوى الشبهات.
؟ السمة السابعة: الوعي بطبيعة الدعاة:
ثم جاء في خطاب الرجل المؤمن وشهادته، أثناء مواجهته لقومه أنه بعد أن استهل خطابه بالنداء الرقيق الشفيق؛ أخذ في عرض موجز يعرِّف بطبيعة هؤلاء الدعاة الجدد، حيث ﴿قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ [يس: ٢٠ -٢١].
أي أنه يعرف أن هؤلاء رسل من عند الله سبحانه، وأنهم يتميزون بالنزاهة والعفّة، وأنهم صالحون مهتدون محسنون، ونستشعر من تلك الآيات القرآنية الطيبة ملمحاً تربوياً طيباً، وهو أن الرجل المؤمن كان يملك من المُثُل والمقاييس التي تجعله يحكم بالعدل والإنصاف على سلوك البشر، خاصة هؤلاء الدعاة، فيعرف طبيعتهم، ويعرف أصلهم.
لذا فنحن نستشعر أنه قد خبر ميزاتهم وصفاتهم الربانية السامية الطيبة، وعرف الرسالة الربانية التي يحملونها.
فمن ناحية أن هؤلاء الرسل كانوا مختلطين بالناس، ومندمجين بطبقات المجتمع، وكان سلوكهم في التعامل طيباً، وأنهم لم يضعوا بينهم وبين الناس حواجز تمنعهم من معرفتهم واختبار سلوكهم.
ومن ناحية أخرى: أن هذا الرجل كان يعرفهم جيداً؛ أي أن شهادته كانت قوية وعلى أساس متين، وعلى معرفة حقة.
وهي سمة طيبة لأي قاعدة بشرية أن تكون على وعي بالناس، خاصة أصحاب الأفكار الجديدة، وأنها لا تشهد إلا بما خبرت وعلمت.
؟ السمة الثامنة: الوعي بطبيعة الفكرة:


الصفحة التالية
Icon