الجنود والعساكر لتهلكهم، بل كان الأمر أهون عليه ـ سبحانه ـ من ذلك، فكان الأمر إلى جبريل ـ عليه السلام ـ أن يرسل عليهم الصيحة المدمرة المهلكة.
أو كان المعنى الآخر أنه ـ سبحانه ـ قد صغَّر من قدرهم، فلم يرسل إليهم جنوداً أي أنبياء أو رسل آخرين لهدايتهم، بل إنهم لا يستحقون ذلك لأنهم أصغر وأحقر.
ففي كلا المعنيين نستشعر مدى التحقير والهوان والصغار الذي استحقه هؤلاء المكذبون الرافضون.
وهي سنة الله ـ عز وجل ـ الإلهية الاجتماعية، العامة المطردة المتكررة، الثابتة والتي لا تتحول ولا تتبدل، مع كل الرافضين للهداية.
مع الذين يرفضون الفكرة ويحاربون الدعوة، مع الذين يكذبون الرسل والدعاة.
ثانياً: التعقيبات القرآنية العامة:
وهي التعقيبات التي توضح الدروس التربوية والعبر العامة التي وضحتها القصة.
وهي كذلك السنن الإلهية الاجتماعية العامة، والتي كانت القصة مثالاً تطبيقياً لها وبرهاناً ثابتاً حول فعاليتها: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ * أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ * وَإن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٣٠ - ٣٢].
لقد جاءت هذه التعقيبات وكأنها إعلان علوي رهيب عام، ينادي بالحسرة والتندم والويل والبوار لنوعية من العباد، تبين الآيات أسباب أو مسوِّغات استحقاقهم لهذا الإعلان:
١ - عدم استغلال فرص النجاة والفوز في الدارين، وذلك باتباع الحق.
٢ - الاستهزاء بالرسل والدعاة، ومحاربتهم، والاستهزاء بالفكرة ورفضها.
٣ - عدم قراءة التاريخ، للوقوف على أحداثه، واستقراء سننه ـ سبحانه ـ الإلهية الكونية والاجتماعية، ومشاهدة سِيَر أعداء الدعوة، ومكذبي الفكرة، على مر تاريخ المسيرة الدعوية.
وإدراك معنى الرجوع إليه ـ سبحانه ـ للمحاسبة والجزاء.