لأصحاب العقول السليمة، والأفكار القويمة، بسبب ما اشتمل عليه هذا القصص من حكم وآداب وإرشادات.
وما كان هذا الذي قصصناه حديثا مختلقا أو كاذبا، وإنما هو حديث لحمته وسداه الصدق الذي لا يحوم حوله الكذب، والتأييد لما صح من الكتب السابقة التي امتدت إليها أيدي الفاسقين بالتحريف والتبديل، والتفصيل والتوضيح للشرائع السابقة، والهداية والرحمة لقوم يؤمنون به، ويعملون بما فيه من أمر أو نهي.
والعبر والعظات التي نأخذها من قصص القرآن الكريم، لها صور شتى منها: بيان حسن عاقبة المؤمنين، الذين ثبتوا على الحق، وابتعدوا عن الباطل، وتابوا إلى الله تعالى توبة صادقة، وشكروا الله تعالى على نعمه، بأن استعملوها فيما يرضيه لا فيما يسخطه.
ونرى نماذج لذلك في قصة سليمان عليه السلام الذي آتاه الله تعالى ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فلم يبطره هذا الملك، ولم يشغله عن ذكر الله تعالى بل قال كما حكى القرآن عنه "هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر".
ونرى نماذج لذلك في قصة ذي القرنين، الذي مكن الله تعالى له في الأرض، فاستعمل ما آتاه الله من قوة في الخير لا في الشر، وفي الإصلاح لا في الإفساد.
ونرى نماذج لذلك في قصة أصحاب الكهف، الذين آمنوا بربهم، وزادهم الله تعالى إيمانا على إيمانهم، بسبب ثباتهم على الحق.
نرى نماذج لذلك في قصة قوم يونس عليه السلام الذين استجابوا لدعوة الحق، وصدقوا نبيهم فيما أخبرهم به، وأخلصوا دينهم لله تعالى.
[﴿فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ (سورة يونس: الآية ٩٨)]
والمعنى: فهلا عاد المكذبون إلى رشدهم وصوابهم، فآمنوا بالحق الذي جاءتهم به رسلهم، فنجوا بذلك من العذاب، كما نجا منه قوم يونس عليه السلام بسبب ندمهم على ما فرط منهم، وإيمانهم إيمانا صادقا، وتوبتهم توبة نصوحاً، فعاشوا آمنين إلى حين انقضاء آجالهم في هذه الدنيا..