فهذه قريةٌ أرسلَ اللهُ إليها رسولينِ -كما أرسل موسى وأخاه هارونَ إلى فرعون وملئه- فدَعوا أهلَ تلك القريةِ إلى عبادة الله وحده فكذبوهما فشدَّ اللهُ أَزْرَهما وأَمْرَهما برسولٍ ثالثٍ، وتقدم ثلاثتهم من جديد بدعوة أهل تلك القرية: ﴿فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾.
وفي هاتين الآيتين فوائدُ:
الفائدة الأولى: أنه ما من قرية إلا أرسلَ اللهُ إليها رسولاً يدعوهم إلى عبادة الله وحدهُ، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤].
وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [سبأ: ٣٤].
الفائدة الثانية: أنَّ الرسولَ يتقوى بالرسول الآخر. والرسولينِ يتعززان بالرسول الثالث. والداعي إلى الله يتقوى بإخوانهِ الدعاةِ إلى الله.
الفائدة الثالثة: الإصرار على الدعوة والتبليغ مهما كانت النتائج.
ولكن بماذا ردَّ أصحابُ القريةِ على رسُل الله؟
يخبرنا ربُّنا سبحانه وتعالى في كتابه فيقول عنهم: ﴿ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ﴾
أثارَ أصحابُ القريةِ شُبهةً وهي شُبهةُ |بشرية الرسل|، وبنوا على تلك الشبهةِ نتيجةً خاطئةً وهي أنهم كاذبون وليسوا مرسلينَ: ﴿ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ﴾.
وهذه هي الشبهةُ التي واجهَ بها كلُّ قومٍ رسولَهم، واعتبروها مانعاً من تصديقهِ والإيمان بهِ، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [التغابن: ٦].
وبماذا ردَّ رسُلُ اللهِ على افتراءات أصحاب القرية؟