وعن ابن عباس وأصحابه وجد أن اسمه حبيب بن مرة، قيل: كان نجاراً، وقيل غير ذلك؛ فلما أشرف الرسل على المدينة رآهم ورأى معجزة لهم أو كرامة فآمن. وقيل: كان مؤمناً من قبل.
وَوَصْفُ الرجلِ بالسعي يفيد أنه جاء مسرعاً، وأنه بلغه همُّ أهل المدينة برجم الرسل أو تعذيبهم؛ فأراد أن ينصحهم؛ خشيةً عليهم وعلى الرسل.
وهذا ثناء على هذا الرجل يفيد أنه ممن يقتدى به في الإسراع إلى تغيير المنكر.
وجملة: [قَالَ يَا قَوْمِ] بدل اشتمال من جملة: [جَاءَ رَجُلٌ] لأن مجيئه لما كان لهذا الغرض كان مما اشتمل عليه المجيء المذكور.
وافتتاح خطابه إياهم بندائهم بوصف القومية له قصد منه أن في كلامه الإيماء إلى أن ما سيخاطبهم به هو محض نصيحة؛ لأنه يحب لقومه ما يحب لنفسه.
والاتِّبَاعُ: الامتثالُ، اسْتُعِيْرَ له الاتباعُ؛ تشبيهاً للآخذ برأي غيره بالمتبع له في سيره.
والتعريف في [الْمُرْسَلِينَ] للعهد. " (١)
وقال الشنقيطي عند آية اتبعوا من لا يسألكم أجرا :
" ويؤخذ من هذه الآيات الكريمة : أن الواجب على أتباع الرسل من العلماء وغيرهم أن يبذلوا ما عندهم من العلم مجاناً من غير أخذ عوض ذلك، وأنه لا ينبغي أخذ الأجرة على تعليم كتاب الله تعالى، ولا على تعليم العقائد والحلال والحرام.
ويعتضد ذلك بأحاديث تدل على نحوه وذكر عدة أحاديث غالبها ضعاف، ثم قال :
فهذه الأدلة ونحوا تدل على أن تعليم القرآن والمسائل الدينية لا يجوز أخذ الأجرة عليها.
وممن قال بهذا : الإمام أحمد في إحدى الروايتين، وأبو حنيفة والضحاك بن قيس وعطاء.
وكره الزهري وإسحاق تعليم القرآن بأجر.
وقال عبد الله بن شقيق : هذه الرغف التي يأخذها المعلمون من السحت.

(١) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (١٢ / ٩٧) فما بعدها


الصفحة التالية
Icon