الضَّحَّاكِ أَهْلَ نَجْدٍ أَنْ يَقْتُلُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" صَدَقَ عُمَرُ، اقْطَعُوا مَعَ الضَّحَّاكِ بَعْثًا "، فَبَلَغَ ذَلِكَ الضَّحَّاكَ، فَجَاءَ وَهُوَ مُغْضَبٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَنِي أَنَّكَ أَمَرْتَ أَنْ يُقْطَعَ مَعِي بَعْثٌ قَالَ :" نَعَمْ يَا ضَحَّاكُ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَهْلَ نَجْدٍ أَنْ يَقْتُلُوكَ كَمَا فَعَلَتْ ثَقِيفٌ بِصَاحِبِهِمْ " قَالَ : فَغَضِبَ الضَّحَّاكُ وَقَالَ : إِنَّ ذَلِكَ لَيُقَالُ لَكَ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِقَوْمِي، إِنَّ قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا لِيَبْلُغُوا ذَلِكَ مِنِّي قَالَ :" يَا ضَحَّاكُ أَفَعَلْتَهَا ؟ لَقَدْ قُلْتُ مَا قُلْتُ، وَمَا كُنْتُ أَحْسِبُ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعَةً مِثْلَكَ "، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" صَدَقَ الضَّحَّاكُ، لَا تَقْطَعُوا مَعَ الضَّحَّاكِ بَعْثًا ؛ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِقَوْمِهِ "، فَأَتَى الضَّحَّاكُ قَوْمَهُ، فَأَجَابُوهُ فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ جَمِيعًا " (١)
وقال صاحب الكشاف ما ملخصه : وقوله : يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ.. إنما تمنى علم قومه بحاله، ليكون علمهم بها سببا لاكتساب مثلها لأنفسهم، بالتوبة عن الكفر، والدخول في الإيمان.. وفي حديث مرفوع :« نصح قومه حيا وميتا ». وفيه تنبيه عظيم على وجوب كظم الغيظ والحلم عن أهل الجهل والترؤف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي، والتشمر في تخليصه، والتلطف في افتدائه، والاشتغال بذلك عن الشماتة به، والدعاء عليه، ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته، وللباغين له الغوائل وهم كفرة وعبدة أصنام.. (٢)
وفي التفسير الوسيط :
" والمراد بالعباد : أولئك الذين كذبوا الرسل، وآثروا العمى على الهدى، ويدخل فيهم دخولا أوليا أصحاب تلك القرية المهلكة.
والمقصود من الآية الكريمة، التعجب من حال هؤلاء المهلكين، وبيان أن حالهم تستحق التأثر والتأسف والاعتبار، لأنها حالة تدل على بؤسهم وظلمهم لأنفسهم وجهلهم.

(١) - تَارِيخُ الْمَدِينَةِ لِابْنِ شَبَّةَ (٨٨٦ ) صحيح مرسل
(٢) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم لطنطاوي - (١٢ / ٢٤) وتفسير الكشاف ج ٤ ص ١١و تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ٢٢٨وتفسير ابن كثير ج ٦ ص ٥٥٨.


الصفحة التالية
Icon