؟ الدعامة الأولى للتغيير الحضاري:
وهي وجود القاعدة المؤمنة الصلبة؛ وهي الطليعة الفاعلة التي تقود التغيير، وتتحمل عبء المواجهة، وتكون بمثابة الأداة المحركة، أو القوة المنفذة. وقد ورد الحديث عنها في آيات الجولة الأولى من القصة، وهي جولة المواجهة بين الرسل وبين أصحاب القرية. ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إذْ أَرْسَلْنَا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إنَّا إلَيْكُم مُّرْسَلُونَ (١٤) قَالُوا مَا أَنتُمْ إلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَيْءٍ إنْ أَنتُمْ إلاَّ تَكْذِبُونَ (١٥) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إنَّا إلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَمَا عَلَيْنَا إلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٧) قَالُوا إنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨) قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ [يس: ١٣ - ١٩].
ومن خلال تدبر الآيات يمكننا أن نبحث حول بعض صفات هذه القاعدة.
ونقول بعض الصفات أو السمات؛ لأننا سنلتزم بما ورد عنها في آيات الجولة الأولى من القصة.
وكذلك سنرتب السمات على حسب ورودها في سياق الآيات، وليس على حسب أولويتها، أو أهميتها.
؟ السمة الأولى: الإيجابية:
يقول الحق ـ سبحانه ـ إن الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ قد جاؤوا إلى القرية، وتحركوا إليها ولم يقعدوا في مكانهم؛ وذلك كما نستشعر مغزى الوصف القرآني: ﴿إذْ جَاءَهَا﴾؛ أي إنهم قد تحركوا منطلقين بعقيدتهم، وبدؤوا تجربتهم الدعوية التغييرية بالوصول إلى تلك القرية.
ولم يحدد السياق القرآني أي قرية تلك، وإن كان بعض المفسرين قد حدد أنها (أنطاكية)، فالعبرة ليست بالاسم، والبحث عنه لن يفيد تربوياً.
ولم يقعد هؤلاء الرسل في مكانهم ليأتيهم الناس، بل حضروا إليهم.


الصفحة التالية
Icon