فالمسلمون قد عرفوا الورق في عهد النبي ﷺ وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه، وإن كان ذلك الورق يختلف عن الورق الحالي أو الورق الصيني الذي دخل إلى العالم الإسلامي في وقت متأخر.
ناهيك عن الجلود التي كانت من أدوات الكتابة منذ الجاهلية، وذلك أن صناعة الجلود التي تصلح للكتابة كانت متوفرة في شبه الجزيرة العربية، إذ يروي أن صعدة، وصنعاء ونجران في اليمن كانت من مراكز إنتاج الجلود المدبوغة المسماة بالأدم. واشتهر عمرو بن العاص في الجاهلية بهذه التجارة ـ الأدم ـ(١) فقد تمت الإشارة إلى أمثلة كثيرة من ذلك، تدل على كثرة الجلود وتوفرها في الجزيرة وكثرة استخدامها من قبل العرب والمسلمين.
وعليه فإن القرآن الكريم كان يكتب في العهد النبوي مكِّيه ومدنيِّه على أدوات رقيقة سهلة للحمل وقابلة للطي والتمزيق، سواء كانت من جلد رقيق فاخر أو قرطاس ـ الورق البردي ـ وما نحوه. وأن ما جاء من قول زيد بن ثابت في ذلك، إنما هو في مجال التتبع والجمع ومن باب الاحتياط وليس في مجال الكتابة والتأليف.
(١) النمر، عبد المنعم : علوم القرآن الكريم، بيروت، دار الكتاب اللبناني، ط ٢، ١٩٨٣م، ص ١٥٥-١٥٤.
(٢) رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي شهد العقبة، وكان أحد النقباء قال سعد بن عبد الحميد بن جعفر : كان أول من أسلم من الخزرج، وكان من الكملة، والكامل هو الذي يحسن الكتابة والعوم والرمي، انظر : ابن سعد : الطبقات الكبرى، ج ٣/٦٢٢-٦٢١.
(٣) المقدسي، ابن قدامة عبد الله : الاستبصار في نسب الصحابة من الأنصار، تحقيق : علي نويهض، د. م : دار الفكر، د. ط. ت. ، ص ١٧٤.
(٤) لا معنى لهذا الاحتمال لأن نقل المصحف محفوظاً لم يقتصر على رافع بن مالك (المراجع).