وتفيد هذه الروايات أن الكتابة انتقلت إلى مكة من خلال جيل أو جيلين قبل الإسلام حيث إن هذه الأسماء معروفة وعاشت قريباً من ظهور الإسلام، وعليه :>ربما ذهبت المصادر العربية استناداً إلى هذه الأخبار إلى أن حدوث الكتابة العربية كان قريباً من نزول القرآن، وقبل الإسلام بقليل”(٣٦).
وينبني عليه أن مكة والحجاز كانتا خاليتين من الكتابة قبل ذلك التاريخ، وهو ما تخالفه أخبار أخرى ومنها : أن قصيّاً كتب إلى أخيه رزاح في أطراف الشام ـ في حدود سنة ٤٤٠ ب. م ـ بالقلم العربي أو النبطي أو بغير ذلك. وعليه فإن هذه الأخبار المقصود منها انتقال الكتابة وليس تحديد تاريخ نشوء الخط والكتابة العربية حيث إنه :>اعتماداً على النقوش العربية الجاهلية أن الكتابة العربية بدأت تتميز بخصائص معينة منذ مطلع القرن الرابع الميلادي ـ تاريخ نقش النمارة ٣٢٨م ـ، ونجد كتابةً عربيةً متميزة الخصائص في نقش زبد ـ ٥١٢م ـ وعلى ذلك يرجح كثير من الباحثين أن الخط العربي نشأ ونما بين نقش النمارة وزمن نقش زبد... ويقدم لنا نقش حران ـ ٥٦٨م ـ كتابةً عربيةً كاملة الخصائص”(٣٧).
ويضاف إلى ماسبق، ما ذكر من كلام الدكتور جواد علي من أن العرب كانوا يدوِّنون بقلم ظهر في اليمن بصورة خاصة، وهو القلم المسند، ثم أبدلوه فيما بعد بقلم آخر، أخذوه من القلم النبطي.
(١) انظر : علي، جواد : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، (بيروت : دار العلم للملايين، ط ٢، ١٩٧٨م) ج ١٦٢-١٥٧/٨. يذكر وجهات نظر العلماء المسلمين في نشأة الخط العربي، ويشير إلى أكثر من عشرين رأياً.
(٢) نامي، خليل يحيى : أصل الخط العربي وتاريخ تطوره إلى ما قبل الإسلام، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، مجلد ٣، مايو -١٩٣٥م، ج ٢/١.